الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: معجم القواعد ***
تَا: اسْمُ إشارةٍ للمُفْرَدة المُؤَنَّثَة، وبِنَاؤه على السكون. (=اسم الإشارة). تَاءُ التَّأْنِيث: تَكُونُ في الفعلِ سَاكِنَةً كـ "فَهِمَتْ" ومُتَحَرِّكَةً كـ "تَفْهَم" ولا تَكُونُ في الاسم إلاِّ مُتَحرِّكَةً كـ "فَاهِمَةٍ" وكـلُّ مُؤَنَّثٍ بالتَّاءِ حكمُه أنْ لاَ تُحذَف التاءُ مِنْه إذا ثُنِّيَ كـ "فَاهِمَتَيْن" لئلا يلتَبس بالمذكر. ولما كَانَتِ التَّاءُ في أصْلِ وضَعِها في الاسْمِ للفرْقِ بَيْنَ المُذَكَّر والمُؤَنَّثِ في الأَوْصَافِ المُشْتَقَّةِ المُشْتَرِكَةِ بَيْنَهُمَا كـ "نَبِيهٍ وَنَبِيهَةٍ" و "أديبٍ وأديبَةٍ" فلا تدخُلُ على المُخْتَصِّ بالنِّساءِ كـ "طَالق وحَاملِ، وطَامِث، ومُرْضِع وفَارِك (الفارك: المبغضة لزوجها) وعَانِس (العانس: البكر التي فاتها الزواج). كَما لاَ تَدْخُلُ على المُخْتَص بالرجالِ كـ "أكْمَرَ (الأكمر: عظيم الكمرة وهي حشفة القبل للرجل)، وآدر (الآدر: عظيم الخصية). ولا تَدْخُلُ على أسماءِ الأَجْنَاسِ الجامدة وشَذَّ: "رَجُل ورَجُلَة" و "فتىً وَفَتَاةٌ" و "غلامُ وغُلامَةٌ" و "طفْل وطِفْلَةٌ" و "ظبْيٌ وظَبْيَةٌ" و "أنْسانٌ [إنسان؟؟] وإنْسانَةٌ". ولا تَدْخُلُ هذه التاء في خَمسةِ أَوْزان، ويستوي فيها المُذكَّرُ والمُؤَنَّثُ: -1 "فَعِيلٌ" بمعنى مَفْعول إنْ تَبِعَ مَوْصُوفَهُ، نحو "كَفٌّ خَضِيبٌ" و "ملحَفَةٌ غَسِيلٌ" وشَذَّ "مِلحَفَةٌ جَدِيدة". فإنْ كانَ بِمَعنى فَاعِل نحو "عَتِيقَة" و "ظريفَة" كان مُؤَنَّثُهُ بالهاء وإنْ كانَ بمعنى مَفْعُول ولم يُذْكَرِ المَوْصُوفُ نحو: "رَأيتُ قَبيلَةَ بَني فُلان" كان مُؤَنَّثُهُ بالهاءِ مَنْعًا للالْتِباسِ بِالمذَكَّر. -2 "فَعول" بمعنى فاعِل نحو "امرأة صَبورٌ وشَكورٌ وفَخورٌ" وقد جاءَ حَرْفٌ شاذٌّ فقالوا: "هي عَدُوَّةُ اللَّهِ (قال سيبويه: شبهوا عدوَّة بصديقة)" فإذا كانَ في تَأْويلِ مَفْعولٍ لَحِقَتْه التَّاءُ نحو "الحَمولَةُ" و "الرَّكوبَة" و "الحَلوبَة" تقولُ: "هذا الجملُ رَكوبَتهُمُ وأكولَتهُمُ". -3 "مِفْعَال" نحو "امرأة مِهْذَارٌ" و "مكْسَالٌ" و "مبْسَام". -4 "مِفْعيلٌ" نحو "امْرَأةٌ مِعْطيرٌ" و "مئْشير" من الأَشَر: وهو الكِبْر، و "فرَسٌ مِحْضيرٌ" كَثيرُ الجَرْيِ. وشذ فقالوا: "امْرَأةٌ مِسْكينةٌ" شَبَّهوها بِفَقيرة. -5 "مِفْعَل" نحو "امْرَأةٌ مِغْشَمْ" و "رجُلٌ مِدْعَسٌ ومِهْذَرٌ (المغشم: الذي يركب رأسه لا يَثْنيه شيءٌ عما يُريد. والمِدْعَس: الطَّعَّان، المِهْذَر: الهَاذي)". وقد تكونُ التاءُ لِغير التَّأنيث فتكون للتعريب، والتَّمْيِيزِ، والعِوَض، والمبُالَغَة، والنَّسَب، (=جميعها في تاء التعريب، وتاء التمييز. وهكذا). تَاءُ الجَمْعِ المُكَسَّرِ الأَعْجَمِيِّ والعَرَبي:
تَلْحَق هذه التاءُ ما كان مِنَ الأَعْجَمية على أرْبعة أحْرُف وقد أُعْرِبَ، وجَمَعْتَهُ جَمْعَ تَكْسيرٍ وذلك نحو "مُوْزَجٍ ومَوَازِجَة (المُوزَجِ: الخفّ، فارسي معرب، وأصله: موزَه) وصَوْلَجٍ وصَوَالِجَة (الصَّوْلَج: عصا يعطف طرفها يضرب بها الكرة على الدواب)، وكُرْبَج (الكُرْبج: موضع يقال له: كُرْبك) وكَرَابِجة، وطَيْلَسَان، وطَيَالِسةَ، وجَوْرب جَوَارِبَة. " - وقالوا: جَوَارِبٌ - وكَيالِجَة - وقالوا: كَيالِج - ". ونظيرهُ في العربية: "صَيْقَلٌ وصَيَاقِلَةٌ، وصَيْرَفٌ وصَيَارِفَةٌ وقَشْعَم (القَشْعَم: المُسِنُّ من الرجال والنسور)وَقَشاعِمَة". وقد جاء مَلَكٌ وملاَئِكة وقالوا: أَناسِيَة لِجَمْعِ إنْسَان، وكذلك إذا كَسَّرْت الاسْم وأَنْتَ تُرِيد آل فُلان أوْ جماعةَ الحَيِّ نحو قولِكَ: المَسَامِعَة، والمَناذِرَة، والمَهالِبَة والأَحامِرَة والأَزَارِقَة وقالوا: البَرَابِرَة والسَّبَابِجَة. تَاءُ التَّمْيِيز: هي التَّاءُ التي تُميز الواحدَ من جنسه كثيرًا في اسمِ الجنس الجمعس كـ "تَمْر" و "تمْرة" و "نملْ ونَمْلةٍ" وتَرِدُ لِعَكْسِ ذلِكَ قَليلًا نحو "كَمْءٍ وكَمْأة". تاءُ العِوَض: هي التاءُ التي تَلْحَقُ اسْمًَا حُذِفَتْ فاؤُهُ فَعُوِّضَتِ التَّاءُ عنها كـ "زِنَة" أَصْلُها "وَزْنٌ"، أو حُذِفَتْ عينُه نحو "إقامَة" أصْلُها: سَنَوٌ أو سَنَةٌ، بِدَليلِ جَمعِها على سَنَواتٍ أوْ سَنَهات. تاءُ القَسَم: مِنْ حُروفِ الجَرِّ وهُوَ مُختصٌّ بـ "اللّه" [هل هنا نقص؟؟] {تاللّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ} (الآية "57" من الأنبياء "21"). والصحيح كما يقول سيبويه: أنَّ العرَبَ لا يُدْخِلُونَ تاءَ القَسَمِ في غَيرِ اللَّهِ. فلا يُقَال: تَرَبِّ الكَعْبَةِ، ولاَ تَرَبِّي لأَفعلَن. تاءُ المُبالَغَة: هي التي توكِّد أحْيانًا وَزْنَ الفاعل كـ "رَاوِية" و "نابِغَة" وقد تَأْتي لتوكيدِ المُبالغة كـ "عَلاَّمة" و "نسَّابَة". تاءُ المُضارَعة: هي من حُروفِ المضارَعة "أتينَ" والمراد بهذا اللفظ حُروفه، وهي: الألف، والتاء والياء والنون، التي لا بدَّ للمُضارِع أنْ يُبْدأ بواحِدَةٍ منها، وتكونُ "التَّاءُ" إمَّا عَلامَةَ تَأْنيث كـ "هِنْدٌ تَكْتُب" أو حَرْفَ خِطابٍ للمُذَكَّر كـ "أَنْتَ تعْلَمُ". وَحَرَكَةُ التَّاءِ كَحَرَكَة أخَواتها تُضَمُّ إذا كان ماضي الفِعل رُباعيًّا نحو "أكْرَمَ يُكْرِمُ" و "بذَّرَ يُبَذِّرُ" وإنْ كَانَ ثٌلاثيًّا أو خُماسيًّا أو سُداسيًّا تفتح الياء وأخواتُها نحو "حفِظَ يَحفَظُ" و "انْطَلَق يَنطَلِقُ" و "اسْتَعْجَلَ يَسْتَعْجِل". تاءُ النّسَب: هِيَ الَّتي تّلْحَق صيغَة مُنْتَهى الجُموعِ للدَّلالَةِ على النَّسَب كـ "أشاعِرَة" جمع أشْعَرِي و "قرَامِطَة" جمع قُرْمُطِي، أو لِلعِوَض عن "ياءٍ" مَحْذُوفَةٍ كـ "زَنَادِقَة" جمع زِنْدِيق أو للإلْحاقِ بِمفرد كـ "صَيَارِفَة (جمع صيرف: وهو المحتال في الأمور، وهذه التاء في "صَيارِفَة" خَفَّفَتِ اللَّفْظ، وصَرَفَتْه بعد أن كان ممنوعًا)". فإنها مُلْحَقَةٌ بكراهيَة. تانِ وتَين: اسْما إشارة، فالأولُ لِحَالَةِ الرَّفْعِ ولكنَّه مبنيٌّ على الياء، وقد تَلْحَقُهما "ها" للتنبيه، فيقال "هاتان" و "هاتَيْن" وقد تَلْحَقُهما "كافُ الخِطاب" فَتُبْعَدُ "ها" التَّنْبِهِيَّة فتقول "تانِكَ" و "تينِكَ" وأيضًا "تانِكُما وتانِكُمْ وتانِكُنَّ" ومِثلُها "تَيْنِكُما وتَينِكُمْ وتينِكُنَّ". التأسيس: هو أَنْ مكونَ اللفظُ المكرَّرُ لإفادة معنىً آخرَ لن يكنْ حاصلًا قَبْله، ويسمَّى التأسيسُ، ويقولون: التأكيد إِعادَةً والتأسيسُ إفادةً، والإفادَة أَولى، وإذا دارَ اللفظُ بينهما حَسُن الحَمْلُ على التَّأْسيسِ كقوله تعالى: {لا أعبُد ما تَعْبُدون وَلاَ أنْتُمْ عابِدون ما أعبُد ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنْتُمْ عابِدون ما أعبد}. فإنْ أُرِيدَ بهذا التِكْرَار زِيادةُ التَّقْرِير فهو تَوْكِيد وإن أُرِيد بقولِه تعالى: {ولا أنا عابدٌ ما عبدتم} إلخ. أي في المُسْتقبل فهذا معنىً زائِد عن مُجرَّد التكرار وهذا هو التأسيس. (=تأنيث الفعل = الفاعل). التَّأْنيثُ والتَّذْكيرُ: الأشياءُ كلُّها أصْلُها التَّذْكيرُ، وهو أشدُّ تَمَكُّنًا، ثم يَخْتَصُّ بعدُ. -1 تَقْسيم الاسْمِ إلى مُذكَّرٍ ومُؤَنَّث: يَنْقَسِمُ الاسْمُ إلى مُذَكَّرٍ ومُؤَنَّث، فالمُذَكَّرُ كـ "رجُل" والمؤنَّثُ كـ "فاطِمةَ". -2 المؤنث حَقيقيٌّ ومَجازِيٌّ: المؤنَّثُ نَوْعان: حَقيقيٌّ، وهو: ما يقابله ذكر من كل ذي روح، كـ "امْرَأة" و "فاضِلَة" و "ناقة". ومَجازي، وهو: ما عامَلَتْه العَرَبُ مُعامَلَةَ المُؤَنَّثاتِ الحقيقيَّة "كالشمس، والحربِ والنَّارِ" (والمشهور أن المؤنَّثَ المجازي يَصحُّ تذكيره وتأنيثُه؛ والصوابُ أنْ يُقال: أن هذا مُقيَّدٌ بالمسند إلى المؤنث المجازي ويكون المسند فعلًا أو شبَههُ نحو "طلعَ الشمس" و "هو الشمس" أفاده ابن هشام) والمَدَارُ في هذا على النَّقْل، ويُسْتَدلُّ على ذلك بالضَّميرِ العائدِ عليه نحو: {النَّارُ وَعَدَها اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} (الآية "72" من سورة الحج "22")، {حتّى تَضَعَ الحَرْبُ أَوْزارَها} (الآية "4" من سورة محمد "47") وبالإِشارة إليه نحو: {هَذِهِ جَهَنَّمُ} (الآية "63" من سورة يس "36"). وبثبُوتِ التَّاءِ في تَصْغيره، نحو "عيَيْنَة وأُذَيْنَة" مُصَغَّرَيْ عَيْن، وأُذُن. أَوْ في فِعْلِه، نحو: {وَلَمَّا فَصَلتِ العيرُ} (الآية "94" من سورة يوسف "12") وبسُقُوطِها من عَدَدِهِ كقول حُمَيد الأرقط يَصِفُ قوسًا عربيَّةً: أرْمي عَلَيها وَهِيَ فَرْعٌ أَجْمَعُ *** وهِيَ ثلاثُ أذرُعٍ وإصبَعُ (يقال: قوسٌ فَرعٌ: إذا عُملت من طَرفِ الغُصْن لا من جِذْعه) -3 المؤنَّثُ: ثلاثة أقسام: ينقسِمُ المؤنَّثُ إلى لَفْظي، ومَعْنَويّ، ولَفْظِيّ مَعْنَويّ. فالمؤنث اللفظي: ما كانَ عَلَمًا لمُذَكَّر وفيه علامةٌ من عَلاَمَاتِ التَّأْنِيثِ كـ "طَرَفَة" و "كنانَة" و "زكَرِيَّاء". وهذا المُؤَنَّث اللَّفْظِي يَجِبُ تَذْكيرُ فِعلِه وجَمعُه بألفٍ وتا. والمُؤَنَّثُ المعنويُّ: ماخَلا من العَلامةِ، وكان عَلَمًا لمؤنث كـ "زَيْنَبَ" و "أم كُلْثُوم" والمُؤَنَّثُ اللَّفْظِيُّ المَعْنَوِيُّ: ما كانَ عَلَمًا لِمُؤَنَّث، وفيه عَلاَمَةُ التَّأْنيث: كـ "صَفِيَّة" و "سعْدَى" و "خنْسَاء". -4 علاماتُ التأْنيث: علاماتُ التأنيث - على قول الفراء - خَمْسَ عَشْرَة عَلامَة، ثمانٍ في الأسْماءِ: الهاءُ، والأَلِفُ المَمْدودَة والمقْصورَة، وتاءُ الجَمْع، في نحو "الهِنْدَات"، والكَسْرة في "أَنْتِ" والنونُ في "أنْتُنَّ" و "هنَّ" والتَّاءُ في "أخْتٍ" و "بنْتٍ" والياء في "هَذي". وأرْبَعٌ في الأفْعَال: التاءُ السَّاكنة في مثل "قامَتْ" والياءُ في "تَفْعَلين" والكَسْرةُ في نحو "قُمْتِ" والنون في "فَعَلْنَ". وثلاث في الأدَوَات: "التاءُ في "رُبَّة" و "ثمَّة" و "لاتَ"، والتَّاء في "هَيْهَات" والهاءُ والأَلِفُ في نحو "إِنَّها هِنْدٌ". وأشْهَرُ عَلامَاتِ التَّأْنيث في الأسماء: التَّاءُ وأَلِفُ التَّأْنيث، ولكلٍّ بحثٌ مستقل. (=في حَرْفهما). -5 أسماء الأجناس: كلُّ أسْماءِ الأجْناسِ يَجوزُ فيها التذكيرُ حَمْلًا على الجِنْس، والتَّأْنيث حَمْلًا على الجَمَاعة نحو {أعْجاز نَخْلٍ خاوِية} (الآية "7" من سورة الحاقة "69") و{أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِر} (الآية "20" من سورة القمر "54"). -6 اسم الجمع: كلُّ اسمِ جمْعٍ لآدَميّ فإنه يُذكَّر ويُؤَنَّث كـ "القَوْم" كما في قوله تعالى: {وكَذَّبَ به قَومُك} (الآية "66" من سورة الأنعام "6") وقوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ} (الآية "105" من سورة الشعراء "26"). وأمَّا لِغَير الآدَمِيِّ فلازِمُ التَّأْنيث نحو "الإِبِل" و "الخَيْل" و "الغَنَم" وكذا اسْمُ الجِنْس الجَمْعِي. (=في حرفه). -7 تَأْنيث الجُمُوع: كُلُّ جَمْعٍ مُؤَنَّثٌ ويَصِحُّ تَذْكيرُه، إلاَّ ما كانَ بالواوِ والنُّونِ فِيمَنْ يَعقِل فَيَجِبُ تَذْكيرُه، تقول: "جاءَ الرجالُ والنساء" و "جاءتِ الرِّجالُ والنساء" و "حضَر المُعَلِّمون". -8 تأنيث الأعضاء وتذكيرها: كُل عَضْوٍ بإزَائِهِ عُضْوٌ من أعْضاءِ الإنسان فهو مُؤَنَّث، الخَدُّ والجَنْبُ، والحاجِبُ، والعَضُد، - وبنو تَميم يُذَكِّرونَه، وأهلُ تِهامَة يُؤَنِّثونه - وكلُّ عضْوٍ فَرْد مِنَ الأَعْضاء فَهو مُذكَّر، إلاَّ الكَبِد، والكَرِش، والطِّحَال. وكُلُّ عُضْوٍ في الإنسان أَوَّلُ اسْمِه كافٌ فهو مؤنَّث نحو "كَتف وكَعْب". -9 تَأْنيثُ الأسْنان أو تَذْكيرها: الأسْنانُ كلُّها مُؤَنَّثَةٌ إلاَّ الأَضْراس والأَنْياب. -10 تذكير الظُّروف وتأنيثها: الظُّروف كلُّها مُذَكَّرة إلاَّ "قُدَّام" و "وراء" فإنَّهما شاذَّان. -11 حكم اجْتِماع المُذَكَّرِ والمُؤَنَّث: إذا اجتَمَع المُذَكَّر والمُؤَنَّثُ غُلِّبَ حكمُ المُذَكَّر إلاَّ في موْضعَين: (أحدهما) "ضَبُعان" تَثْنية "ضَبُع" وهي مَخْتَصَّةٌ بالإناثِ، فَأُجْرِيَتِ التَّثْنِيَةُ على لفظِ المُؤَنَّث لا على لَفْظِ المُذَكَّر. (الثاني) التَّاريخ، فإنَّه باللَّيالي دونَ الأَيَّام مُرَاعاةً للأَسْبق. وتغليبُ المُذَكَّر على المُؤَّنث إنَّما يكون: بالتَّثْنية، والجمْع، وفي عَوْد الضميرِ وفي الوَصْف، وفي العَدَد. -12 تَأْنيثُ "فَعِيل" وتَذْكيرُه: إذا كان "فَعِيلٌ" بمعنى فاعِل لَحِقَتْه تاءُ التَّأْنيث، مثلُ "قَدِير" و "قدِيرَة" و "كرِيم" و "كرِيمة". وإذا كان "فَعيل" بمعنى "مَفْعُول" يجبُ تذكيره نحو "عَينٌ كَحِيل" و "كفٌّ خَضِيب" وإذا أُفْرِدَت الصِفَة في هَذا الباب أُدْخِلَت تاءُ التَّأْنيث، ليُعلم أَنَّها صِفةٌ لِمُؤَنَّثٍ نحو "رأيْنا جَريحَةً". -13 تَسْمية المذكر بما فيه ألِفُ التأنيث المَمْدودَة والمقصورة: فَإنْ سَمَّيْتَ رَجُلًا بِشَيءٍ فيه ألفُ التَّأنيث المَمدودَة فأردتَ جمعَه بالواو والنون قلت في حَمْراء - اسمِ رجل - إذا جَمَعْتَه "حَمْرَاوُون" و "صفْرَاوُون" وما كان مثل "حُبْلى وسَكْرَى" و "حبْلَوْن" و "سكْرَوْن". -14 ما يَستوي فيه المذكر والمؤنث: (=تاء التأنيث). -15 تَبين بعض الأسماءِ في التذكير أو التأنيث: حُروف الهجاءِ تذكَّر وتؤنَّث. الإبل: مُؤَنَّثة. أَتان: مُؤَنَّثة. إنسان: يقَعُ للمذكَّر والمُؤَنَّث. بَعير: يَقَع للمذكر والمؤنث. حَرْب: مُؤَنَّثة. دار: مُؤَنَّثة. ذرَاع: مُؤَنَّثة. رَباب: مُذَكَّر. رَبْعَة: يَقع للمذكَّر والمؤنَّث على لَفظٍ واحِدٍ. سَحَاب: مذكر. الشَاء: أصْلُه التأنيث وإنْ وقع على مذكر. الشَّخْص: مُذكَّر. شَمال: مُؤَنَّثة. شَمْس: مُؤَنَّثة. صَناع: مُؤَنَّثة. عُقاب: مُؤَنَّثة. عَقْرب: مُؤَنَّثة. عَناق: مُؤَنَّثة. عَنْكَبوت: مُؤَنَّثة. العَيْن: مُؤَنَّثة. الغَنَم: مُؤَنَّثة. الفَرَس: يقع على المُذكَّر والمؤنَّث. قِدْر: مُؤَنَّثة. قَفا: يُذكَّر ويُؤنث. كُرَاع: مُؤَنَّثة. اللِّسان: يُذكَّر ويُؤنًّث. بعْل: تذكَّر وتؤنَّث. النَّفْس: يُذكَّر ويؤنَّث وتصغيرها نُفَيْسَة، وهي في القرآن مؤنَّثة. الرُّوح: الأكثر تذكيرُه، وقد يؤنث وعند ابن الأعرابي: مذكر فقط. النار: مُؤَنَّثة، وتُذَكَّر قَليلًا. نابٌ: مُؤَنَّثة. تَبًَّا له: من تَبَّ يَتِبُّ كضَرَبَ: خابَ وخَسِرَ، وهي مَنْصوبةٌ على المَصْدر، بإضمارِ فعْلٍ واجِبِ الحذف. تُجاهَ: تقول: "جَلَسْتُ تُجاه المَسْجِدِ" أيْ مُقابِلَه وهي ظَرفُ مَكانٍ منصوب. تَحْتَ: ظرفُ مكانٍ مُبْهمٌ نَقيضُ فوق، مِن أسماءِ الجِهات، وله أحكام. (= قبل). التَحْذير:
-1 تَعْرِيفُه: هُوَ تَنْبِيهُ المُخاطَبِ على أمرٍ مَكْروهٍ لِيَجْتَنِبَهُ. -2 قِسْماه: (1) ما يَكُونُ بِلَفْظ "إِيَّاكَ" وفَروعِهِ وهذا عامِلُه مَحْذُوفٌ وُجُوبًا سَواءٌ أَكانَ مَعْطوفًا عَليه أمْ مَوْصولًا بـ "مِنْ" أو مُتَكرِّرًا نحو "إِيَّاكَ والتَّواني" (أصله: احذر تلاقي نفسك والتواني، فحذف الفعل وفاعله، ثم المضاف الأول، وهو "تلاقي" وأنيب عنه "نفسك"، ثم حذف المضاف الثاني، وهو نفس وأنيب عنه الكاف فانتصب وانفصل). ونحو "إيَّاكَ مِنَ التواني" (أصله: باعد نفسك من التواني، حذف الفعل والفاعل والمضاف، فانتصب الضمير وانفصل). وأمَّا نحو قوله: فَإيَّاكَ إيَّاكَ المِرَاءَ فإنَّهُ *** إلى الشَّرِّ دَعَّاءٌ وللشَّرِّ جالِبُ فعلى تَقْدير "مِنْ" مَحْذوفَة للضَّرورَة. أيْ "مِنَ المِراءِ" ويَجوزَ في هَذا أنْ تَقولَ: "إيَّاكَ أَنْ تَفْعَلَ كَذا" لصَلاحِيَّتِهِ لِتَقْدير "مِن" (وخالف في الجواز: الجواليقي في شرح أدب الكاتب انظر (إياك وأن تفعل)). ولا تَكونُ "إيَّا" في هذا الباب لِمتكلِّم، وشَذَّ قَوْلُ عمر (رض) "لِتُذَكِّ لكُم الأسَلُ والرِّماحُ والسِّهام، و "أيَّايَ" وأَنْ يَحذِفَ أَحَدُكُمْ الأَرْنَبَ". ولا تكونُ لَغائِبٍ، وشَذَّ قولُ بعض العرب "إذا بَلَعَ الرجُلُ السِّتِّينَ فإيَّاهُ وإيَّا الشَّوابّ". (2) أن يُذْكَر "المُحَذَّرُ" بغيرِ لَفْظ "إيَّا" أو يَقتَصِرَ على ذِكْر "المُحذَّرِ منه" وإنَّما يَجِبُ الحَذْفُ إنْ كَرَّرْتَ أَوْ عَطَفْتَ، فالأول نحو "نَفْسَكَ نَفْسَكَ" و "الأسَدَ الأَسَدَ" والثاني نحو: {ناقَةَ اللَّهِ وسُقْياها} (الآية "13" من سورة الشمس "91"). وفي غيرِ ذلِكَ يجوزُ إظهارُ العامِلِ كقولِ جرير يهجو عُمَرَ بنَ لَجَأ التميمي: خلِّ الطريقَ لِمَنْ بَيْني المَنارِ به *** وابْرُزْ بِبَرْزَةَ حَيْثُ اضْطَّرَكَ القَدَرُ (المنار: حدودُ الأرض، البَرْزَة: الأرضُ الواسِعة، وباءُ "ببرزة" بمعنى في، المعنى: اترك سبيل الهُدى لِمَنْ يطْلُبه، وابرز مِنْه إلى طَرِيق الضلال إذا اضْطَّرك القَدَر) التَّحْضيض: الحثُّ على أمْرٍ بِشِدَّةٍ وأدواته: "هَلاَّ، وَأَلاَّ، وَلَوْلا، وَأَلاَ" إن دخلت على مضارع، وإنْ دَخَاَتْ على الماضي فهي للنَّنْديم (=في أحرفها وأَنْ المصدريَّة). تَحَوَّلَ: تَعْمَلُ عَمَلَ "كانَ" لأنها بمعنى صار، تَقول "تَحوَّلَ التُرابَ لَبِنا". (=كان وأخواتها 2 تعليق). تَخِذ: من أفْعال التَّحويل وتَتَعدَّى إلى مَفْعولَيْن، نحز فول أبي جُنْدَب بنِ مُرَّة الهُذَلي: تَخِذتُ غُرازَ إثرَهم دَليلًا *** وَفَرُّوا في الحِجازِ لِيُعْجِزُوني ("غَرازَ" آخره زاي، اسم واد وهو المفعول الأول لـ "تخذت" و "دليلًا" مفعول ثان) (=المتعدي إلى مَفْعولين). التَّرْخيم: ثَلاثَةُ أنْواع: -1 تَرْخيمُ التَّصْغير. -2 تَرْخيمُ الضَّرورة. -3 ترخيم النداء. (=في أحرفها). (1) تَرْخيمُ التَّصْغير: -1 حقيقتُه: تَصْغيرُ الاسْمِ بِتَجْرِيدِه مِنَ الزَّوائِد (أي الزَّوائدِ الصَّالِحة للبقاء في تصغير غير الترخيم ليخرج نحو "متدحرج" و "محْرَنْجِم" لامْتِناع بقاءِ الزِّيادَة فيهما لإخْلاَله بالزِنَة عند تصغير غيرِ الترخيم فلا يُسمَّى تصغيرها على "دُحَيرِج" و "حرَيجِم" تَصغيرَ ترخيم)، فإن كانَتْ أُصولهُ ثَلاثَةً صُغِّر على "فُعَيْل" وإن كان أَرْبَعَةً صُغِّرَ على "فُعَيعِل" فتقول في مِعطف "عُطَيف" وفي أَزْهر "زُهَير" وفي حامد "حُمَيد" وتقول في قِرْطاسٍ وعُصْفورٍ "قُرَيْطِس وعُصَيْفِر". -2 المؤنَّث وتصغير الترخيم: إذا كانَ المُصَغَّر تَصغيرَ التَّرخيم ثُلاثيَّ الأصول، ومُسَمَّاه مُؤنَّثٌ لَحِقَتْه التَّاءُ، فَتَقول في سَوْدَاء، وحُبْلى وسُعاد: "سُوَيْدة" و "حبَيْلة" و "سعَيْدَة" وإذا صُغِّرَ تصْغيرَ تَرْخيم الأوصافِ الخاصَّة بالمؤنَّث نحو: حائِض وَطالِق، قلت: "حُيَيْضٌ" و "طلَيْقٌ". (2) تَرْخيمُ الضَّرورة: يجوزُ ترخيمُ غيرِ المنادى - وهو تَرْخيمُ الضَّرورَة - بِثَلاثَةِ شُروط: -1 أنْ يكونَ ذَلكَ في الضَّرورة. -2 أن يَصْلُحَ الاسمُ للنداءِ، فلا يجوزُ في نحو "الغُلامِ" لوجود "أل" لأنَّ ما فيه ألْ لا يَصْلح للنداء إلاَّ بواسطة "أيُّها". -3 أن يكون إما زَائدًا على الثلاثةِ، أو مختومًا بتاءِ التَّأنيثِ فالأوَّل كقولِ امْرِئ القَيْس: لَنِعْمَ الفَتى تَعْشو إلى ضَوْءِ نارِه *** طَرِيفُ بنُ مالٍ ليلةَ الجُوعِ والخَصَر (الخصر: البرد) أرادَ ابن مالك، والثاني كقول الأسود بن يَعفُر: وهذا رِدائي عندَه يَستَعيرُهُ *** لِيَسْلِبَني حَقِّي أمالُ بنُ حَنْظَلِ ولا يَمْتَنع التَّرْخيمُ في الضَّرورَةِ على لُغَةِ مَنْ يَنْتَظِرُ بدليل قول جَرير: أَلاَ أَضْحَتْ حِبالُكُمُ رِمامًا *** وأَضْحَتْ مِنْكَ شاسِعَةً أُماما (جمع رمة: وهي القطعة البالية من الحبل) أراد: أُمامَةُ، وفُهِمَ مَن عَدَمِ اشْتِراطِ التَّعرِيفِ في ترخيم الضَّرورةِ أنه يَجِيءُ في النَّكِرات كقوله: "لَيسَ حَيٌّ على المَنونِ بِخالِ" أي بِخالدٍ. (3) تَرْخيمُ النِّداء: -1 تعريفه: هوَ حَذْفُ آخِرِ الكلمة حَقيقةً أو تَنْزيلًا في النِّداء، على وَجْهٍ مَخْصوصٍ. -2 شُروطه: شروطُ تَرخيمِ النِّداء: أنْ يكونَ المُنادى مَعْرِفةً، غيرَ مُسْتَغاثٍ، ولا مَنْدوبٍ، ولا ذي إضافةٍ، ولا ذي إسْنادٍ، ولا مختَصٍّ بالنِّداء، فلا تَرَخَّمُ النَّكرةُ غيرُ المَقْصودَةِ، كَقَولِ الأَعْمى "يا رَجُلًا خُذْ بيدي"، ولا قولك "يا لَخالِدٍ" ولا "واخالِداه" ولا "يا أَميرَ البِلادِ" ولا "يا جادَ المولى" ولا "يافلُ". -3 الاسمُ القابلُ للترخيمِ قسمان: (أ) مَخْتومٌ "بتاءِ التَّأْنيث" التي تُقلَبُ عندَ الوَقف هاءً. (ب) مجرَّدٌ منها: فالأوَّلُ" وهو المَخْتوم بـ "تاءِ التأنيثِ" فيُرَخَّمُ بحذفِ التاءِ فَقط، سَواءٌ أكانَ عَلَمًا أمْ لا، ثُلاثِيًّا، أمْ زائِدًا على الثَّلاثةِ، نحو قولِ امْرِئِ القَيْسِ: أَفاطِمُ مَهْلًا بعضَ هذا التَّدلُّلِ *** وإن كنتِ قد أزْمَعتِ صَرْمي فَأَجْمِلي الأَصْلُ: أفاطمةُ، وقول العجَّاجِ يُخاطِبُ امرأَتَه: جارِيُّ لا تَسْتَنْكِري عَذيري *** سَعْيِي وإشْفاقي على بعيري الأصلُ: يا جاريةُ. والثاني: وهو المُجَرَّدُ من تاءِ التَّأنيث، فلاَ يُرَخَّمُ إلاَّ أَنْ يكونَ: عَلَمًا زائدًا على ثَلاَثَةٍ كـ "جَعْفَر" و "سعاد" فلا يُرَخَّم غيرُ العَلَم، وأمَّا قَوْلُ الشَّاعِر: صاحِ شمِّرْ ولا تَزَلْ ذاكِرَ المَوْـــــــــتِ فَنِسْيانُهُ ضَلالٌ مُبِينُ فضرورةٌ، ولا يُرَخَّم ما لم يَزِد على ثلاثةٍ سَواءٌ أكانَ ساكِنَ الوَسَط كـ "دَعْد" أم مُتَحَرِّكَهُ كـ "سَبَأ". -4 ما يُحذفُ للترخيم: المحذوفُ للترخيم إمَّا "حرفٌ" أوْ "حَرْفان" أو "كَلِمةٌ" أو "كَلِمَةٌ وَحَرْفٌ". فأمَّا الحَرْفُ وهو الغالِبُ، فنحو "يا جعْفُ" و "يا سُعَا" و " يا مَالِ" في ترخيم: جَعْفر، وسُعاد، ومالِك. وأما الحرفان، فذلِكَ إذا كانَ الذي قبلَ الآخِر حَرْفَ عِلّة، ساكنًا، زائدًا، مُكَمِّلًا أربعةً فَصاعِدًا، مَسبوقًا بِحَرَكَةٍ مُجانِسَةٍ، ظاهِرَةٍ، أو مُقَدَّرةٍ تقولُ مَثَلًا في أسماء "يا أَسمَُ" وفي مَرْوان "يا مَرْوَُ" وفي مَنْصور "يا مَنْصُ" و في شِمْلال "يا شِمْلَُ" وفي قِنْدِيل "يا قِنْدُ" وفي مُصْطَفَون عَلَمًا "يا مُصطَفَُ" ومن ذلك قولُ الفَرَزْدَق يُخَاطِب مَرْوان بنَ عبدِ الملك: يا مروَُ إنَّ مَطِيَّتي مَحْبُوسَةٌ *** تَرْجُو الحِبَاءَ ورَبُّها لم يَيْأسِ وقول لبيد: يا أَسْمَُ صبْرًا على ما كانَ مِنْ حَدَثٍ *** إنَّ الحَوادِث مَلْقِيٌ ومُنْتَظَرُ ويُحْذَف من المُرَكَّبات الكَلِمَةُ الثَّانية، وذلِكَ في مثل "حَضْرَ مَوْت" و "مَعْدِي كَرِب" و "بخْتَنَصَّر" ومثلُ رَجُلٍ اسمُه "خَمْسَةَ عَشَر" ومثل "عَمْرَوَيْه" وتقبل في ترخيمها: يا حَضْرَ، يا مَعْدَي، يا بُخْتَ، ويا خمسةَ، أقبل، وفي الوقف تبين الهاء، ومثلها: في اثنا عشر، تَقُول في ترخيمها: يا اثن. -5 حَرَكةُ آخرِ المرخَّم: الأكثَرُ أنْ يُنْوَى المَحْذُوفُ، فلا تُغَيَّرَ حَرَكَةُ ما بَقِي، لأنَّ المحذُوفَ في نِيَّةِ الملْفُوظِ، وتُسَمَّى لغةَ "مَنْ يَنتظِر" تقولُ في جعْفَر "يا جَعْفَ" بالفتحِ، وفي حارِث "يا حارِ" بالكسر، وفي مَنْصُور "يا مَنْصُ" بالضم، وفي هِرَقْل "يا هِرَقْ" بالسكون، وفي ثمودٍ وعِلاَوة، وكَرَوان أَعْلامًا "يا ثَمُو" و "يا عِلاَ" و "يا كَرَوَ". ومثله في ملاحَظَة المَحْذُوف قولُ القُطَامِي: قِفِي قبلَ التَّفَرُّقِ يا ضُبَاعَا *** ولا يَكُ مَوْقِفٌ مِنكِ الوَدَاعَا أصْلُ ضُباعا: ضُباعَةُ، وقال هُدْبَة أو زيادَة بن زيد العذري: "عُوجِي علينا وارْبَعِي يا فَاطِمَا". ويَجُوزُ أَلاَّ يُنْوَى المَحْذُوفُ، فَيُجْعَلُ آخرُ الباقي بعدَ الحَذْفِ كأنَّهُ آخِرُ الاسْمِ في أصْل الوَضْع، وتُسَمَّى لُغَةَ من لا يَنْتَظِر، فتقولُ "يا جَعْفُ" و "يا حَارُ" و "يا هِرَقُ" بالضم فِيهِنَّ، وكذلِكَ تقول "يا مَنْصُ" بضَمَّةٍ حَادِثةٍ للبِنَاءِ. وتقول "يَا ثمِي" تَرخيم "يَا ثَمود" بإبدالِ الضَّمة "كسرةً" و "الواو" "ياءً" إذْ لَيْس في العربيَّةِ اسمٌ معربٌ آخره واوٌ لازمة مضمُومٌ ما قَبْلها، وتقول "يا عِلاءُ" ترخيم عِلاوة - على لغة مَنْ لاَ يَنْتَظِر - بإِبْدال الواوِ هَمْزَةً لتَطَرُّفِها إثْر ألِفٍ زَائدةٍ كما في كِسَاء، وتقول "يا كَرَا" ترخيمُ من لا يَنْتَظِر لـ "كَرَوَان" بإبْدالِ الواوِ أَلِفًا لتحرُّكها وانْفِتاح ما قَبْلَها كما في العَصَا. وعلى هذا - أي لغةِ من لا ينتظر - قولُ عَنْتَرة العبسي: يَدْعُونَ عَنْتَرُ والرِمَاحُ كأنَّها *** أشْطَانُ بِئر في لَبَانِ الأَدْهَمِ ويجوز: عَنْتَرَ بِفتح الراءِ كما تقدم. -6 اخْتِصَاصُ ما فيه "التاء" بأحكام منها: (1) أنَّه لا يُشْتَط لِتَرْخيمِهِ عَاَميَّةٌ ولا زِيَادَةٌ على الثَّلاثة كما مرَّ. (2) أنه إذا حُذِفَتْ منه التَّاءُ، لم يَسْتَتْبِعْ حَذفُها حذفَ حرفٍ قَبْلَها فتقولُ في "عَقَنْباة" وهي صِفَةٌ للعُقَاب، وهو ذو المخالب الحِداد: "يا عَقَبْنا". (3) أنَّه لا يُرخَّم إلاّ على نِيَّةِ المَحْذُوفِ أي لُغةِ من يَنْتَظر خَوْفَ الالْتِباسِ بالمُذَكَّر الذي لا تَرْخِيمَ فيه، تقولُ في ترخيم "مُسلِمَة" و "حارثة" و "حفْصَة" - "يا مُسلِمَ ويا حَارِثَ ويا حَفْصَ" بالفتح، فإن لم يُخَف لَبْس جازت اللُّغةُ الأُخْرَى لغةُ مَنْ لا يَنْتَظِر كما في "هُمَزَة" و "مسْلَمة" عَلَمِ رَجل. (4) أنَّ نِداءَهُ مُرَخَّمًا أكثرُ من ندائه تامًّا كقول امْرِئ القيس: أفاطِمُ مَهلًا البيت، كما يُشَارِكه في الحكم الأخير "مالك وعامر وحارث" فترخيمُهُنَّ أكثرُ مِنْ تَرْكِهِ لكثرَةِ اسْتِعمالِهِن. تَرَك:
-1 مِن أفْعال التَّصيير تَتَعدَّى إلى مفعولين، نحو قوله تعالى: {وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ في بَعْض} (الآية "99" من سورة الكهف "18"). وعلى هذا قولُ الشاعر وهو فَرْعان بن الأعْرَف: ورَبَّيْتُه حتَّى إذا ما تركتُه *** أخَا القَوْمِ واستَغْنَى عن المَسْحِ شارِبُه (2) وقد تأتي بمعنى فارَقَ فَتَتَعدَّى لِوَاحدٍ نحو "تركتُ الكاذبَ" (=ظنَّ وأخواتها). التَّرْكيبُ المزجي: هو أن يُجعلَ الاسْمانِ اسْمًا واحِدًا، لا بإضافَةٍ ولا بإسْنادٍ، بل يُنَزَّلُ عَجُزُه من صَدْرِه مَنزِلَةَ تاءِ التأنيث كـ "بَعْلَبَكَّ" و "بخْتَنَصَّرَ" وله أبحاثٌ في (=الممنوع من الصرف). و "النَّسَب" و "التصغير". التشبيه بالمفعول به: إذا قلت "دَخَلْتُ البيتَ" و "سكَنْت الدارِ" و "ذهبتُ الشامَ" فكل واحد من البيت، والدار، والشام منصوب على التشبيه بالمفعول به لأجراء القاصر فيها مجرى المتعدي (كما في الخضري(197)). التَّصْرِيف:
-1 تعريفه: علمٌ بأصُولٍ يُعْرَفُ بها أحوالُ الكلمةِ العرَبِيَّةِ بمالَها من صِحَّةٍ وإعلالٍ، وقَلْبٍ وإبْدَالٍ، وأَصالَةٍ وزِيادَةٍ، وحَذْفٍ، وإدْغامٍ، وبما يَعرِضُ لآخِرهما مِمَّا لَيْسَ بإعرابِ ولا بِناء. -2 موضوعه: الأفْعالُ المُتَصرِّفةُ، والأسْماءُ المُتَمَكِّنَة. فتَصْرِيفُ الأفْعال يكونُ باشْتِقاقِ بعضِها من بعض؛ وتصريفُ الأسماء مكون بتثنيتها وجَمْعِها ونِسْبَتِها وتَصْغِيرها وغير ذلك. وليسَ من مَوْضوعاتِ فنِّ الصرف: الأَفْعالُ الجامِدة، ولا الأسماءُ المبنية مثل "كَيْف ومَتى ومَنْ" ولا الحروف. -3 الميزان الصَّرْفي: هو لَفْظُ "فَعَل" يُؤتى به لبيانِ أحْوالِ أَبْنيةِ الكَلمِ في ثَمانية أمور: وهِيَ الحَرَكَاتُ، والسَّكَناتُ، والأُصُولُ، والزَّوائدُ، والتقديمُ، والتأخير، والحَذْفُ وعَدمهُ، ولَمَّا كان أكثرُ المُفْرَدات العَربية ثُلاثِيًَّا اعْتَبَر الصَّرْفِيُّون أنَّ أُصُول الكلماتِ ثَلاثةُ أحْرُفٍ، وقابَلوها عند الوزن بالفاء، فالعين فاللام، التي هي "فَعَل" فيقولون مثلًا في وزن "نَظَر" "فَعَل" وفي وزن "فَرِح" "فَعِل" وفي وزن "سَمْعٍ" "فَعْلٍ" وهكذا، وسمَّوا الحَرْفَ الأوَّل: فاءَ الكلمة، والثاني: عَيْنَ الكلمة، والثالثَ: لام الكلمة، وأمَّا في الزِّيادة على ثلاثة حُروف فَله أحوالٌ إليكَ تَفْصِلها: (1) فإن كانتِ الزِّيادةُ في الكَلِمة على الثَّلاث مَن أصلِ وضْعِ الكلمةِ زِدْتَ في المِيزان "لامًا أو لامَيْن" على أحْرُف "فَعَل" فتقول في الرُّباعي كـ "جَعْفَر": "فَعْلَل" وكذلك "دَحْرَجَ" وتقول في الخُماسِي كـ "سَفَرْجَل": "فَعَلَّل" بِتَشْديد اللًام الأولى، فيكونُ في المِيزان ثلاثة لاَمَاتٍ اللاَّمُ الأَصْلِيةُ في المِيزان، وَمَعَها لامٌ مُشَدَّدَة بِلاَمَيْن. (2) وإنْ كانَتْ ناشِئَةً من تكرير حَرْفٍ من أُصُول الكلمةِ كرَّرْتَ ما يُقابِلهُ في المِيْزان، فتقول في وَزن "مَجَّدَ": "فَعَّل" وفي "جَلْبَبَ" "فَعْلَلَ"، ولا تقل في وزن "مَجَّد" فعجل، ولا في "جَلْبَبَ" فَعْلب، وإنما الأمرُ كما قدَّمنا. (3) وإن كانتِ الزيادةُ على أصلِ الكلمةِ حَرْفًا أو أكثرَ من حروف "سألتمونيها" أتيت بالمزيد نفسه في الميزان، فتقول في وزن "فاهم": "فاعل" وفي وزنِ "غَفَّار": "فَعَّال" وفي وزن "استِغْفار": "استِفْعال" وهكذا الميزان والموزون في كل كلمة، إلاّ في بابِ التَّصغير فلا يتقيَّدون بمُقابَلَةِ الأُصول، والزوائدِ بالزوائدِ (=التصغير). وإذا كان الزَّائد مُبْدَلًا من تلكِ الافْتِعال يَبقى الأَصْلُ - وهو التاءُ - في الميزانِ لا يَتْبَع التَّبْديل العارِض، فوزن "اصْطَبَر" افْتَعَل لا افْطَعَل لأنَّ أصلَ "اصْطَبَر" "اصْتَبَر" وأبدلت التا طاءً لِمُناسَبة الصَّاد. وكذا المكرَّرُ للإِلْحاق (=الإِلْحاق). أو غيره فإنه يَنطِق به مَنْ نوعِ ما قَبْله نحو: "جَلْبَبَ" على وزن "فَعْلَل" و "قطَّعَ" على وزن "فَعَّلَ". التَّصْغير:
-1 تعريفُهُ: تَغْييرٌ مَخْصوصٌ في بُنْيَةِ الكَلِمَةِ. -2 فَوائِدُهُ سِتٌّ: (1) تَقْليلُ ذَاتِ الشَّيْء نحو "كُلَيْبٌ". (2) تَحْقيرُ شأْنِهِ نَحْو "رُجَيْل". (3) تَقْليلُ كَمِّيَّتِهِ نَحو "دُرَيْهِمات". (4) تَقْرِيبُ زَمانِهِ نَحو "قُبَيْلَ العَصْرِ" و "بعَيْدَ الظُّهْرِ". (5) تَقْرِيبُ مَسافَتِهِ نَحو "فُوَيْقَ المِيلِ" و "تحَيْتَ البريد". (6) تَقْرِيب مَنْزِلَتِهِ نَحْو "أُخَيَّ" وزادَ بعضُهُم على ذلِكَ: التَّعْظيم نَحْو "دُوَيْهِيَة"، والتَّحَبُّب نَحْو "بُنَيَّة". -3 شُرُوطُه: شُرُوطُهُ أَرْبَعَة: (أحَدُها) أَنْ يَكونَ اسْمًا فَلاَ يُصَغَّر الفِعْلُ وَلاَ الحَرْفُ، وَشَذَّ تَصْغير فِعْلِ التَّعَجُّب تَحو "ما أُحَيْسِنَهُ". (الثاني) أَلاَّ يَكونَ مُتَوَغِّلًا في شَبَه الحَرْفِ، فَلا تُصَغَّر المُضْمَرَات وَلا "مَنْ وَكَيْفَ" وَنَحْوهما. (الثالث) أَنْ مَكونَ خاليًا مِن صِيَغ التَّصْغير وشِبْهِها، فلا يُصَغَّرُ نحو "كُمَيْت" لأَنَّهُ على صِيغَةِ التَّصْغير. (الرابع) أَنْ يَكونَ قَابِلًا لِصيغَة التَّصْغير، فلا تُصَغَّرُ الأَسْماءُ المُعَظَّمَة كـ "أَسْماءِاللّه وَأَنْبِيائِهِ وَمَلائِكَتِهِ" وَلا "جَمْعُ الكُثْرَة" و "كلّ وَبَعض" وَلا "أَسْماء الشُّهور" و "الأُسْبوع" و "المَحْكي" و "غيْر" و "سوَى" و "البارِحَة" و "الغَد" و "الأَسْماءُ العامَلَة". -4 أَبْنِيَتُهُ: أَبْنيتُهُ ثَلاثَةٌ: (1) "فُعَيْل". (2) "فُعَيْعِل". (3) "فُعَيْعيل" (الوزن بهذه الصيغ اصطلاح خاص بهذا الباب قصد به حصر الأقسام وليس جاريًا على اصطلاح التصريف فإن أحيمرًا ومكيرمًا وسفيرجًا وزنها التصريفي "أفيعل ومفيعل وفعيلل" وكلها في التصغير "فعيعل"). وَذَلِكَ أَنَّهُ لا بدَّ في كُلِّ تَصْغير مِنْ ثَلاثَةِ أعْمال: ضَمُّ الحَرْفِ الأَوَّل، وفَتْح الثَّني واجْتِلابُ ياءٍ ثالِثَة. أمَّا الأَوَّل وَهُوَ فُعَيْل، إنَّما هُوَ في الكَلامِ على أَدْنى التَّصْغير، وَلا يَكونُ مُصَغَّرٌ على أَقَلَّ مِنْ فُعَيْل، وَذلِكَ نَحْو: "رُجَيْلٍ" تَصْغيرُ رَجُل، وَنَحو "قُيَيْسٍ" تَصْغير قَيْس، و "جمَيْلِ" تَصْغير جَمَل، و "جبَيْلٍ" تَصْغير جَبَل، وَكَذلِكَ جَميع ما كانَ على ثَلاثَةِ أَحْرُف. وَأَمَّا الثَّاني وَهُوَ فُعَيْعِلٌ فَإِنَّهُ مِمَّا يَكون على أَرْبَعَةِ أَحْرُفٍ وَذَلِكَ نَحو "جُعَيْفِر" تَصْغير جَعْفَر، و "مطَيْرِف" تَصْغير طَرِيف، و "سبَيْطِر" تَصْغير سِبَطر (السِّبَطر كهِزَبْر: الماضي الشهم)، و "غلَيِّمٍ" تَصْغير غُلام. وَأَمَّا الثَّالِث وَهُوَ فُعَيْعيل فَإِنَّهُ مِمَّا يَكونُ على خَمْسَةِ أَحْرُفٍ وَكانَ الرَّابع مِنْهُ وَاوًا أَوْ أَلِفًا، أَوْ ياءً، وَذَلِكَ في نحو "مُصَيْبِيحٍ" تَصْغير مِصْباح، و "قنَيْدِيل" تَصْغير قَنْدِيل، وَفي "كُرَيْدِيس" تَصْغير كَرْدُوس (الكردوس: القطعة العظيمة من الخيل) وَفي "قُرَيُبِيس" تَصْغير: قَرَبُوسٍ (القربوس: حنو السرج وهما قَربُوسان). والتَّصْغيرُ مِمَّا كانَ على خَمْسَةِ أَحْرُف مِمَّا ليْس فيهِ وَاوٌ أَوْ أَلِفٌ أَوْ ياء. فنحو "سُفَيْرِجٍ" تَصْغير سَفَرْجَل، و "فرَيْزَدٍ" تَصْغير فَرَزْدَق، و "شمَيْرَدٍ" تَصْغير شَمَرْدَل (الشَّمَردل من الإبل: القوي السريع)، و "قبَيْعِث" تَثْغير قَبَعْثَرَى (القبعثري: الجمل الضخم). يَقُول سيبويه: وَإِنْ شِئْتَ أَلْحَقْتَ في كُلِّ اسْمٍ مِنْها ياءً قَبْلَ آخِرِ حُرُوفِهِ حَرْفًا عِوَضًا نحو "سُفَيرِيج" بَدَلُ سُفَيْرج وَهَكَذا. -5 المُسْتَثْنى مِنْ كَسْرِ ما بَعْدَ الياءِ: تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ كَسْرُ ما بَعْدَ يَاء النَسَبْ مِمَّا تَجاوَزَ ثَلاثَةَ الأحْرُف، وَيُسْتَثْنى مِنْ هَذِهِ القاعِدَةِ أَرْبَعُ مَسائِل يُفْتَحُ فيها ما بَعْدَ ياءِ النَسَب. (إِحْداهما) ما قَبْلَ عَلامَةِ التَّأْنيث سَوَاءٌ اَكانَتْ تاءً أَمْ أَلِفًا كـ "شَجَرَة" و "حبْلى" فَتَقول في تَصْغيرهما "شُجَيْرَة" و "حبَيْلى". (الثَّانِيَة) ما قَبْلَ أَلِفِ التَّأْنيث المَمْدودَة كـ "حَمْرَاء" تَقول في تَصْغيرِها "حُمَيْرَاء". (الثَّالِثَة) ما قَبْلَ أَفْعال، كـ "أَجْمال" و "أفْرَاس" فَتَقول في التَّصْغير "أُجَيْمال" و "أفَيْرَاس". (الرَّابِعَة) ما قَبْلَ أَلِف فَعْلان كـ "سَكْرَان" و "عثْمان" فَتَقول: "سُكَيْرَان" و "عثَيْمان". -6 تَصْغير المُضاعَف: وَذَلِكَ قَوْلُكَ في مُدُقٍّ (المُدُق: ما يدق به): مُدَيْقٌّ، وَفي أَصَمَّ: أَصَيِّمٌ، وَلا تُغَير الإدْغام عَنْ حالِهِ كَما أَنَّكَ إِذْ كَسَّرْتَ مُدُقًّا لِلْجَمع قُلْتَ: مَدَاقُّ وَلَو كَسَّرت (أي جمعتها جمع تكسير) أَصَمَّ لَقُلْتَ أَصَامٌّ، فَإِنَّما أَجْرَيْتَ التَّصغيرَ على ذَلِكَ. -7 تَصغير ما كانَ على ثَلاثَةِ أَحْرُفٍ وَلَحِقَتْه الزِّيادَةُ لِلْتَّأْنيث فَصارَ أَرْبَعَةً وَذَلِكَ نحو "حُبْلى" و "بشْرى" و "أخْرى" تَقول في تَصْغيرها: "حُبَيْلى، وَبُشَيْرَى، وَأُخَيْرَى". وَذَلِكَ أَنَّ هَذِه الأَلِفَ لَمَّا كانَتْ أَلِفَ تَأْنيث لمْ يَكْسِرُوا الحَرْف بَعْدَ ياءِ التَّصْغير، وَجَعَلوها هُنا بِمَنْزِلَة هاءِ التَّأْنيث وَذَلِكَ قَوْلُكَ في طَلْحَة: طُلَيْحَة. وَإِنْ جاءَتْ هَذِهِ الأَلِفُ لِغَيْرِ التَّأْنيث كَسَرتَ الحَرْفَ بَعْدَ ياء التّصْغير وّذَلِكَ في نحو "مِعْزَى" تَقول في تَصغيرها: مُعَيْزٍ، وَفي "أَرْطى" (الأَرْطى: شجر): أُرَيْطٍ. وَإِنْ كانَتْ هَذِهِ الأَلِفُ خامِسَةً فَصاعِداَ فَكانَتْ لِلْتَّأْنيث أَوْ لِغَيْرِه حُذِفَتْ وَذَلِكَ قَوْلُكَ في: "قَرْقَرى: قُرَيْقِر" و "حبَرْكَى: حُبَيْرَك". -8 تَصْغير ما فيهِ "أَلِف وَنون" زَائِدَتان: القاعِدَة في تَصْغير ما فيهِ "اَلِف وَنون" زَائِدَتان: أَن الأَلِفَ لا تُقْلَبُ ياءً فيما يَأْتي: (1) في الصِّفاتِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكانَ مُؤَنَّثُها خالِيًَا مِنَ التَّاءِ وَهُوَ الأَصْل أَمْ بِالتَّاء فَالأُولى نحو "سَكْرَان" و "جوْعان". فَإِنَّ مُؤنثهما "سَكْرَى، وَجَوْعى". والثَّانية نحو "عُرْيان" و "ندْمان". وَصَمْيان "لِلْشُّجاع" وَقَطْوان "لِلْبَطِيء". فَإِنَّ مُؤَنَّثها: عُرْيانَة، ونَدْمانة، وَصَمْيانَة، وَقَطْوَانَة. تَقولُ في تَصْغيرها "سُكَيران" و "جوَيْعان" و "عرَيَّان" و "ندَيْمان" و "صمَيَّان" و "قطَيَّان". (2) في الأعْلامِ المُرْتَجِلَة نحو "عُثْمان" و "عمْران" و "سعْدان" و "غطَفان" و "سلْمان" و "مرْوان" تَقولُ في تَصْغيرها "عُثَيْمان" (أما "عثمان" الذيهو اسم جنس لفرخ الحبارى، فتصغيره: عثيمين) و "عمَيْران" و "سعَيْدَان" (أما "سَعْدان" لنبت ذي شوك من مراعي الإبل الجيدة، فتصغيره: سعيدين). و "غطَيْفان" و "سلَيْمان" و "مرَيَّان". (3) أَنْ تَكونَ الأَلِفُ رَابِعَةً في اسْمِ جِنسٍ، لَيْسَ على وَزْن مَن الأَوْزَانِ الآتِيَة: "فَعْلان، فُعْلان، فِعْلان". كـ "ظَرِبان" و "سبُعان" يُقالُ في تَصْغيرهما: "ظُرَيْبان وَسُبَيْعان". (4) أَنْ تَكونَ الأَلِفُ خامِسَةً في اسْمِ جِنْسِ، أَوْ في حُكْمِ الخَامِسَة (وذلك بحذف بعض الأحرف التي قبلها)، نَحْو "زَعْفَران" و "عقْرُبان" (ذكر العقارب). و "أفْعُوَان" (ذكر الأفاعي وهي الحيات) و "صلِّيان" (صليان: نبت) و "عبَوْثَران" (نبات خبيث الرائحة) تَقولُ في تَصْغيرها: "زُعَيْفَران" و "عقَيْرَبان" و "أفَيْعِيان" و "صلَيْلِيَان" و "عبَيْثِرَان". فإِنْ زَادَتْ على ذَلِكَ حُذِفَتْ نَحْو "قَرْعَبْلانَة" (اسم لدويبة عظيمة البطن). تَقولُ في تَصْغيرها "قُرَيْعِبَة". وَتَقْلِبُ ياءً لِكَسْرِ ما بَعدَ ياءِ التَّصْغير أَلِفٌ إِذا كانَتْ رَابِعَةً في اسْمِ جِنْسٍ على وَزْنِ "فَعَلان أَوْ فُعْلان أَوْ فِعْلان" كـ "حَوْمان" و "سلْطان" و "سرْحان" تَقولُ في تَصْغيرها "حُوَيْمِين" و "سلَيْطِين" و "سرَيْحِين" تَشْبيهًا لَها "بِزِلْزَالٍ وَقِرْطاسٍ وَسِرْبالٍ". إَذْ يُقالُ في تَصْغيرها: " ُزلَيْزِيل، وَقُرَيْطِيسَ، وَسُرَيْبِيل". وَأَمَّا العَلَمُ المَنْقُولُ فَحُكْمُه حُكْمُ ما نُقِلَ عَنْهُ، فَإِنْ نُقِلَ عَنْ صِفَةٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الصِّفَةِ، وَإَنْ نُقِلَ عَنْ اسْمِ جِنْسٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ اسْمِ الجِنْس، تَقولُ في "سُلْطان" و "سكْران" عَلَمَيْن "سُلَيْطين" و "سكَيْرين". -9 ما يُسْتَثنى مِنَ الحَذْفِ: يُسْتَثنى مِنَ الحَذْفِ لِيتوصَّلَ إلى مِثالَيْ "فُعَيْعِل وَفُعَيْعيل" سَبع مَسائِل (أي إن هذه المسائل السبع لا ينظر إلى الزيادة فيها بل تصغَّر كأن بم تكن): (1) أَلِفُ التَّأْنيثِ المَمْدودَة كـ "حَمْرَاء" و "قرْفُصَاء" تَقولُ في تَصْغيرهما: "حُمَيْرَاء" و "قرَيْفِصاء". (2) تاءُ التَّأْنيث نحو "حَنْظَلَة" وتصغيرها: "حُنَيْظِلَة". (3) ياءُ النَّسَب نحو: "عَبْقَريّ" وتصغيرها: "عُبَيْقِرِيّ". (4) عَجُزُ المضافِ (وهو المضاف إليه في المركب الإضافي "عبد اللّه" فالتصغير يكون المضاف فقط) نحو "عبد شمس" وتصغيرها "عبيد شمس". (5) عَجُزُ المركبِ (وهو الكلمة الثانية من هذا المركب فهي أيضًا لا يطرأ عليها تغيير والتغيير يتعلق بالكلمة الأولى كما هو واضح) تركيبَ مَزْج نحو: "بَعْلَبَكَّ" وتصغيرها "بُعَيْلَبَكَّ". (6) عَلامَةُ التَّثْنِيَةِ نحو "مُسْلِمَيْن" وَتَصْغيرها "مُسَيْلِمَيْن" وَكذا "مُسَيْلِمان". (7) علامة جمع التَّصحيح نحو: "مُسْلِمين" وتصغيرها "مُسَيْلِمين" وكذا "مُسَيْلِمون". -10 حكم ثاني المُصَغَّر إذا كانَ لَيِّنًا: ثاني الاسْمِ المُصَغَّر يُرَدُّ إِلى أَصْلِه إذا كانَ لَيِّنًا مُنْقَلِبًا عَنْ غيرِه، لأنَّ التَّصْغِيرَ يَرُدُّ الأَشْياءَ إلى أُصولها، وَيشملُ ذَلِكَ: ما أَصلُه وَاوٌ فَانْقَلَبَتْ "يَاءً" نحو "قِيمة" فَتقُول في تصْغِيرها "قُوَيْمَة" أو انْقَلَبَت "ألفا" نحو: "باب" فتَقول فيه "بُوَيْب". وما أصلُه يَاءٌ فانْقَلبت وَاوًا ألفًا نحو "ناب" تقول في تصغيرها "نُيَيْب". وَأصْلُه هَمْزةً فانْقَلَبَت ياءً نحو "ذِئْب" فَتَقول في تَصْغِيرها "ذؤَيب". وما أصله حَرْفٌ صحيحٌ غَيْر همزة نحو "دِينار" و "قِيرَاط" فإن أصْلَهما "دِنَّار" و "قِرَّاط" و الياء فيهما بدل من أول المِثْلَيْن فتقول في تصغيرهما "دُنَيْنِير" و "قُرَيْرِيْط". وإذا كانَ ثانيه تاءٌ أصْلِيَّة تَثْبُتُ في التَّصغير وَذَلِكَ نحو "بَيْتٍ وَشَيْخٍ وَسَيِّدٍ"فَأَحْسَنُهُ أَنْ تَقول: "شُيَيْخ، وسُيَيْدٌ، وبُيَيْتٌ" لأِنَّ التَّصْغير يَضُم أَوَائِل الأَسْماءِ وَهُو لازِمٌ له كما أَنَّ الياءَ لازِمَةٌ له. وَمِن العَرَبِ من يقولُ: شِيَيْخٌ وَبِيَيْتٌ وَسِيَيْدٌ كراهة الياء بعد الضمة. فخرج ما لَيْسَ بِلَيِّن نحو "مُتَعدِّ" تقول في تصغيرها "مُتَيْعِدٍ" بدون رد. وإذا كانَ حَرْفُ لِينٍ مُبدَلًا مِنْ هَمْزَةٍ تَلي همزةً، كألف "آدَم" ففيه تُقْلَبُ وَاوًا تقولُ في تصغيرها "أُوَيْدِمِ" كَالأَلِفِ الزَّائِدَة في نحو "شارِب" تقول "شُوَيْرِب" وشَذَّ في "عِيد" "عُيَيْد" وقِياسُه: عُوَيْد لأَنَّهُ مِنْ عادَ يعودُ، فلمْ يَرُدُّوا الياء لِئَلا يَلْتَبِسَ بتصغير "عُود" واحِدِ الأعواد. -11 تَصْغير المقلوب: إذا صُغِّرَ اسْمٌ مَقْلوبٌ صُغِّرَ على لفظِهِ لا على أَصْلِه لِعَدَمِ الحاجَةِ نحو "جَاه" من الوَجاهة، تقول في تَصغيره "جُوَيْه" لا وُجَيْه. -12 تَصْغير ما حُذِفَ أحَدُ أُصوله: إذا صُغِّرَ ما حُذِفَ أَحدُ أصولِه فإِنْ بقي على ثَلاثَةِ أَحْرُفٍ كـ "شاك" و "هار". الهار) و "ميْت" بالتَّخْفِيف لم يُرَدَّ إليه شَيء فتقول "شُوَيْك" و "هوَير" و "ميَيْت". ووَجَب رَدُّ المَحذُوفِ إنْ بَقِيَ على حَرْفَين فالمحْذوفُ الفاء نحو "كُلْ وخُذْ وعِدْ" والعين نحو "رَه" بشَرْط أنْ تكون كلُّها أعْلامًا، تقول: "أُكَيْلٌ وأُخَيْذٌ وَوُعَيْد" بِرَدِّ الفاءِ و "منَيْذ وقُوَيْل وبُبَيْع" بِرد العين، و "يدَيَّةٌ ودُمَيّ" برد اللام و "وقَيّ ووُشَيّ" برد الفاء واللام و "روَي" برد العين واللام ليمكن بناءُ فُعَيل. وَإِذا سُمِّي بِما وُضِعَ ثُنائِيًَّا فإن كان ثانيه صَحيحًا نحو "هَلْ وَبَلْ" لم يَزِدْ عليه شيءٌ حتى يُصَغَّر، وعِنْدَئِذٍ يَجبُ أن يُضَعَّف أو يُزادَ عليه "ياء" فَيُقال: "هُلَيْل" أو "هُلَيْ" و "بلَيْل" أو "بلَيّ". وإن كان مُعتَلًا وجَبَ التَّضْعيفُ قَبلَ التَّصْغير فيقال: "لَوٌّ وكيٌّ وماءٌ". أعلامًا، وذلك لأنك زِدْاَ على الأَلِف أَلِفًا فالتَقى أَلِفانِ، فأُبدِلتِ الثانيةُ همزةً، فإذا صُغِّرتْ أُعْطِيَتْ حكم "دَوٍّ (الدَّوّ: البادِية) وحَيٍّ (الحي: القبيلة)" فتقول: "لُوَيّ وَكُيَيّ ومُوَيّ" كما تقول "دُوَيّ وحُيَيّ ومُوَيَّة (في الماء المشروب)" إلاّ أنَّ "مُويَّه" لامه هاءٌ فَرُدَّ إليها. (يتبع...) (تابع... 1): التَّصْغير:...... -13 ما يُحذفُ في التَّصْغير من الزِّيادات على الثلاثي: تُحذَف الزِّيادات من بَناتِ الثَّلاثَةِ في التَّصْغير كما تُحْذَفُ من جمْع التَّكْسير، وذلِكَ قولُكَ في مُغْتَلِمٍ: مُغَيْلِمٌ، وتقول في تَكْسيرها: مَغالِم فَحَذَفْتَ الألف وأبْدَلْتَها ياءً فصارَت مُغَيْلِمًا للتصغير، وإن شئت قلت: مُغيْلِيم، فَاَلْحَقْتَ الياءَ عِوضًا عَنِ المَحْذوف في الجَمْع كما قالَ بعضهم: مَغَالِيم، ومِثْلُها: جُوَالِقٌ، تَقول في تَصْغيرها: جُوَيْلقٌ، وإِنْ شِئْتَ قُلتَ: جُوَيْلِيقٌ عِوَضًا كما قالوا: جَوَالِيقُ. وتقولُ في تَصْغير المُقَدَّمِ والمُؤَخًّر: مُقَيْدِم ومُؤَيْخِرٌ، وإنْ شِئْتَ عَوَّضْتَ الياءَ كما قالوا في التكْسِير: مَقَاديمُ وَمَآخِير، والمَقَادِم والمَآخِر عَربيةٌ جَيِّدة. وتقول في تصغير مُذَكِّر: مَذَيْكِرٌ، وفي مُقْتَرِب: مُقَيرِبٌ، وإذا صَغَّرتَ مُسْتَمِعًا قلتَ: مُسَيْمِعٌ ومُسَيْمِيعٌ. وَتَقول في تصغير مُحْمارٍّ: مُحَيْمِيرٌ، ولا تقول مُحَيْمِر'، وتقول في تصغير: حَمَارَّةٍ حُمَيْرَّةٌ كأَنَّكَ صغرت: حَمَرَّة لأنَّك لو كَسَّرتَها تقول: حَمَارٌّ، ولا تَقولُ: حَمَائِرٌ. وتقول في تصغير مُغْدَوْدِنٍ: مُغَيْدِينٌ إن حَذَفْتَ الدالَ الآخِرَةَ، كأنك صَغَّرت: مُغْدَوْن، وإن حذفت الدال الأولى قلت في تصغيرها: مُغَيْدِن. وإذا صَغَّرت مُقْعَنْسِس (المُقْعَنْسِس: الشديد) حذفت النون وإحدى السِّينَين فقلت: مُقَيْعِس، وإن شِئْتَ قلت: مُقَيْعِيسٌ. وَأَمَّا مُعْلَوِّطٌ (من اعْلَوَّطَ البعيرَ: تعلَّق بعنقه) فليس فيه إلاَّ مُعَيْلِيطٌ. وفي تصغير عَفَنْجَجٍ (العَفَنْجج: الضَّخم الأَحْمق): عُفَيْجِجٌ، وعُفَيْجِيْجٌ وإذا صَغَّرتَ عَطَوَّدٌ (العَطَوَّد: الشديد الشاق) قلتَ: عُطَيِّدٌ، وعُطَيِّيدٌ، وإذا صَغَّرتَ اسْتَبْرَق قلت: أُبيرِقٌ. -14 تصغير ما كان على أربعة أَحْرُفٍ فَلَحِقَتْه ألِفُ التأنيث الممدودة: وذَاِكَ نحو "خُنْفُسَاء، وعُنْصُلاء (العُنْصُلاءُ: البَصَل البَرِّي)، وقَرْمَلاء (قَرْمَلاَء: موضع)"، فإذا صَغَّرتَها قلتَ: خُنَيْفِسَاءٌ، وعُنَيْصِلاءٌ، وقُرَيْمِلاءٌ ولا تُحذَفُ أَلِفُ التَّأْنيث لأَِنَّ الأَلِفَين - الأَلِفُ والهَمزة - لَمَّا كانَتا بِمَنْزِلَةِ الهاءِ في بنات الثلاث لم تُحْذَفا هنا. -15 تَصْغِير ما كَانَ على ثلاثَةِ أَحْرُف وَلَحِقه أَلِفُ التَّأْنيث الممدودة: وذلِكَ قولُك في تَصْغير حَمْراء: حُمَيْرَاء، وفي صَفْراء: صُفَيْراءٌ، وفي طَرْفاءَ: طُرَيْفاءٌ. وكلُّ ما كانَ على ثَلاثةِ أَحْرُ فٍ ولَحِقَتْه زَائِدَتان - الأَلِفُ والهضمزَة - فكان مَمْدودًا مُنْصَرِفًا فإن تَصْغيرَه كتَصْغير المَمْدود الذِي هَمْزتُه بَدَلٌ مَنْ ياء، وذلِكَ نحو: عِلْباءٍ وحِرْباءٍ تقولُ في تَصْغِيرهما: عُلَيْبِيّ، وحُرَيْبيّ، كما تقول في سَقَّاءٍ: سُقَيْقِيّ، وفي مِقْلاءٍ: مُقَيْلِيّ. ومن قال: إَوْغَاء وصَرَف قال: غُوَيْغِي، ومن لم يَصرف وأنَّث فإنها عندَه بمنزلةِ عَوْراء، يقول في تصغيرها غُوَيْغَاء، وعُوَيْرَاءٌ. -16 من صِيَغِ التَّصْغير ما ليس منه وإنما لدُنوِّه: وذلِكَ قَولُكَ: "هو دُوَينَ ذلك، وهو فُوَيْقَ ذاك" ومن ذلك: هو أُصَيْغِرُ مِنك - وَإِنَّما أَردْتَ أَنْ تُقَلِّل الذي بَيْنَهما من السِّن - ومثلُ ذلِكَ قولُهم: قُبَيْلَ الظُّهر، وبُعَيْد العَصْر، فالمُرادُ قبلَ الظهر بقَليل، وبعد العَصْرِ بِقَليل، وكذلك قولُك: دُوَيْن ذلك: أي أَقرب أَو أقل. وأَمَّا قولُ العَرب: هُو مُثَيْلُ هذا، وأُمَيْثَالُ هذا، فإنَّما أَرَادُوا أنَّ المُشبَّهَ حَقِيرٌ، كما أَنَّ المُشَبَّهَ به حَقِيرٌ كما يقول سيبويه، وأما قَوْلُهم: ما أُمَيْلِحَةُ: فلا يُقاسُ عليه، لأنه فِعلٌ الفِعل لا يُصَغَّر. -17 تَصْغِير ما كان على خَمْسَةِ أَحْرُ فٍ: وذلِكَ نحو: سَفَرْجَلٍ، وَفَرَزْدَقٍ، وَقَبَعْثَرى، وَشَمَرْدَلٍ (الشمردل: الفتى السريع)، وَجَحْمَرِشٍ (الجحمرش: العجوز الكبيرة)، وصَهْصَلِقٍ (الصهصلق: العجوز الصخابة)، فَتَصْغير العَرب هذه الأسماء: هكذا: سُفَيْرِجٌ، وفُرَيْزِدٌ، وشُمَيْرِدٌ، وقُبَيْعِثٌ، وصُهَيْصِلٌ، وجُحَيْمِرٌ. وإنْ شِئتَ أَلْحَقْتَ في كلِّ اسْمٍ منها ياءً قَبل آخِرِ حُرُوفِه عِوَضًا، فتَقول مَثلًا: سُفَيْرِيجٌ وفُرَيْزِيدٌ وهكذا. وإنما صُغِّرتْ هَكَذا بحذفِ حَرْفٍ مِنها لأَنَّ تَكْسيرها: سَفَارِج وفَرَازِدٌ، ويأتي تَصْغير أَمْثالِ هَذه الكلماتِ على حَسَب جَمعها المُكَسَّر، مع إِبْدَالِ أَلِفِه ياءً وضَمِّ أَوَّلِه. -18 ما تُحذَف مِنه الزَّوائد من بنات الثّلاثة وأَوَّله الأَلِفَات المَوْصُولات: وذلِكَ قَولُكَ: في اسْتِضْراب: تُضُيْرِيبٌ، حُذِفَتْ الأَلِفُ المَوْصولة، وحُذِفَت السين كما تَحذِفها لو كَسَرْتَه للجَمع حتى يَصِير على مِصالِ مَفَاعِيل - فَتَصير تَضارِيب وإذا صَغَّرْتَ الافْتِقار حَذَفْتَ الألِفَ ولا تُحذَفُ التاء لأنَّ الزائدةَ إذا كانت ثانيةً في بَناتِ الثَّلاثَة، وكان الاسمُ عِدَّةُ حُرُوفِه خَمسةٌ رَابِعُهُنَّ حَرفُ لِينٍ لم يُحذَفْ منه شيءٌ في تَكْسيره للجمع لأَنَّهُ يجيء على مِثالِ مَفَاعيل. فتقول في تصغير الافتقار؛ فُتَيْقِيرٌ فإذا صَغَّرت انْطِلاقَ قلت: نُطَيْلِيقٌ. وإذا صَغَّرتَ: اشْهِيباب تَحذِفُ الأَلِفَ ثمّ الياءَ كما تَحذِفها في التكسير فتَصغِيرها: شُهَيْبِيب. -19 تَكْسيرُ ما كان من الثَّلاثةِ فيه زَائِدَتان: وذلِكَ نحو: قَلَنْسُوَةٍ، إنْ شِئْتَ قلتَ في تَصْغيرها: قُلَيْسِيَّة، وإن شِئْتَ قلتَ: قُلَيْنِسةٌ كما قال بعضُهم في تَكْسيرها: قَلانِس، وقال بعضهم قَلاسٍ. وكذلك: حَبَنْطَىً (الحَبَنْطَى: المنتفخ البطن)، إن شِئْتَ حَذَفْتَ النونَ فَقُلتَ: حُبَيْطٌن وإن شئت حذفت الألف فقلت: حُبَيْنِطٌ. ومن ذلك كَوَأْلَلٌ (الكوَأْلَل: القصير) - وإن كان غيرَ مُشْتق - إنْ شِئْتَ حَذَفْتَ الواوَ وقلتَ: كُؤَيْلِلٌ وكُؤَيْلِيلٌ، وإنْ شِئْتَ حَذَفْتَ إحْدَى اللاَّمَيْن فقلت: كُوَيْئِلٌ، وَكُوَيْئِيلٌ. ومنه: حُبارَى (الحُبَارى: طائر للذكر والأنثى والواحد والجمع وألفه للتأنيث)، إن شِئْتَ قُلتَ: حُبَيْرَى، وإنْ شِئْتَ قُلْتَ: حُبَيِّر. وإذا صَغَّرتَ عَلانِيَةً أو ثَمانِيَةً أو عُفَارِيَة (العُفَارِيَة بالضمِّ بيِّن العَفَارة: خَبِيثٌ مَنْكَر)، فأحْسَنُه أنْ تقولَ: عُلَيْنَية وَثُمَيْنِيَةَ وَعُفَيْرِيَة. -20 تصغير ما أوَّلُه أَلِفُ الوَصلِ وفيه زِيادةٌ من بَناتِ الأربعة: وذلِكَ نحو احْرِنْجَامٍ، تَقول في تَصْغيره: حُرَنْجِيم، فَتَحذِفُ أَلِفَ الوَصْل، وَلا بُدَّ من تَحْرِيك ما بَعْدَها، وَتُحذَفُ النونُ حتى يصيرَ ما بَقي مِثلَ فُعَيْعِيلٍ، وذلك قَوْلك في التصْغير: حُرَيْجِيم، ومِثلُه الاطْمِئْنان تَحذِفُ أَلِفَ الوَصْل وإحدى النُّونَيْن فتكون طُمَأْيِين على مِثالِ فُعَيْعِيل. ومثله الإسْلِنْقاء (الاسلنقاء: النوم على الظهر) تَحذفُ الأَلف والنون حتى يصير على مثال فُعَيْعِيل أي سُلَيْقِيّ. -21 ما يُحذَف في التصغيرمن زوائد بنات الأَرْبَعَة: وذلكَ قولك في قَمَحْدوَّةٍ (القَمَحْدُوَّةُ: الهَنَة الناشِزة خَلْفَ الأذنين ومُؤخَّر القذال): قُمَيْحِدَةٌ لأنَّ تَكْسِيرها: قَماحِدٌ وفي سُلَحْفَاةٍ: سُلَيْحِفِةٌ وَتَكْسيرُها: سَلاحِفٌ، وفي مَنْجَنيقٍ: مُجَيْنيقٌ، لأَنَّ تَكْسِيرها: مَجَانِيقٌ، وفي عَنْكَبُوتٍ: عُنَيْكِبٌ وعُنَيْكِيبٌ، لأَنَّ تَكْسِيرَها: عَناكِبُ، وَعَناكِيبٌ وفي تَخْرَبُوت: تُخَيْرِبٌ وتُخَيْرِيبٌ. وَيَدُلُّكَ على زيادَةِ التاءِ في عَنْكَبوت وتَخْرَبوت (التخربوت: الخيار الفاره من النُّوق) والنون في مَنْجَنيق بأن العرب قد كَسَّرتْ ذلك، وإن كانَ العرب لا يُكَسَّرون ما كانَ على خَمْسَةِ أَحْرُفٍ حتى يَحْذِفُوا. -22 تَصٍغير ما ثَبَتَتْ زِيادَتُه من بنات الثَّلاثة: وذلك نحو "تِجْفَافٍ" (تِجْفاف: آلةٌ للحَرب يلبَسه الفَرسُ والإنْسان لِيَقيه في الحروب)، وإصْلِيتٍ (الأصْلِيت: السيف الصقيل)، ويَرْبوعٍ، فتقول في تصغيرها: تُجَيْفيفٌ، وأُصَيْليتٌ، ويُرَيْبِيعٌ. لأَنَّكَ لو كَسَّرْتها للجَمْع ثَبَتتْ هذه الزَّوائد. ومثل ذلك عِفْريتٌ، ومَلَكوتٌ، تقول في تصغيرهما: عُفَيْرِيتٌ ومُلَيْكِيتٌ، لأَنّكَ تقولُ في تكْسِيرهما: عَفَارِيتٌ ومَلاكِيتٌ. وكّذلِكَ: رَعْشَنٌ تقول في تَكْسِيرها: رَعاشِنٌ، وفي تَصْغيرها: رُعَيْشِنٌ؛ وكذلك قَرْنُوَةٌ (قَرْنُوة: نوعٌ من العُشب)، تقول في تَصْغيرها: قُرَيْنِيَة لأَنَّك لو كَسَّرتها لقلتَ: قَرَانٍ، ومِثْلُها: تَرْقُوَة تكسيرها: تَرَاقٍ، وتَصْغيرها: تُرَيْقِيَة. -23 تصغير ما ذهبت منه الفاء: وذلك نحو: عِدَةٍ وزِنَةٍ فإنَّهُما مِنْ وَعَدْتُ وَوَزَنْتُ فإنَّهُما الواوُ وهي فاءُ الكلمة فَعل، فإذا صغرت: أَعَدْتَ ما حَذَفْتَ، تقول: وُعَيْدّةٌ ووُزَيْنَةٌ. وكذلك شِيَةٌ، تَقُولُ في تَصْغيرها: وُشَيَّةٌ، وإنْ شِئْتَ قلت: أُعَيْدَةٌ وأُزَيْنَةٌ وأُشَيَّةٌ، لأَنَّ كلَّ وَاوٍ تكونُ مَضْمُومَةً يجوزُ لك هَمْزُها. ومِمَّا ذَهَبَتْ فَاؤه وكان على حَرْفَين: "كُلْ وَخُذْ" فإذا سميت رجلًا بكُلْ وخُذْ قلت في تصغيرهما: أُكَيْلٌ وأُخَيْذٌ، لأَنَّهُما من "أَكَلْتُ وأَخَذْتُ". -24 تَصْغِير ما ذَهَبَتْ لامه: فمن ذلك: دَمٌ، تَقُول في تَصْغيرها: دُمَيٌّ، يَدلُّك على أنَّه من بَنَاتِ الياء قولُهم في الجمع: دمَاء. ومن ذلك: يَدُّ، تَقُولُ: يُدَيَّةٌ، ومثلُه: شَفَةٌ، تقولُ في تَصْغيرها: شُفَيْهِةٌ، يدلُّ على حذفِ لامِ الكلمة. جَمْعُها: شِفَاه. ومن ذلك: سَنَةٌ، فمن قال أصلُها: سَانَيْتُ قال سُنَيْةٌ، ومن قال: أَصْلُها: سَانَهْتُ، قال في التَّصْغير سُنَيْهَةٌ. ومن ذلك فم تَقُول في تَصغِيره: فُوَيْهٌ. والدَّليل أن الذي ذَهَبَ هو اللامُ قولهم في جمعها: أَفْوَاهٌ. ومثلهُ مَوْيْه تَصْغيرُ ماءٍ رَدُّوا إليه الهاء كما رَدُّوها في الجمع: مِيَاه وأَمْوَاه. -25 تَصْغِيرُ ما ذَهَبَتْ لامُه وأَوَّلُه أَلِفُ الوصل: من ذلك: اسْمٌ وابْنٌ، تقول في تصغيرهما: سُمَيٌّ، وبُنَيٌّ، والدَّليلُ على اَنَّ المَحْذُوف في اسمٍ وابنٍ اللامُ، وأنَّها الواو أو الياء، قولهم في الجمع: أَسْماء، وأَبْناء. -26 تَصْغير ما أُبْدل فيه بعضُ حُرُوفِه: فَمِنْ ذلك: مِيزَانٌ، ومِيقاتٌ، ومِيعَادٌ وأصْلُهُنَّ: مِوْزَان من وَزَن، وَمِوْقات من الوَقْت، ومِوْعَاد من الوَعْد. سُكِّنتِ الواوُ وكُسِر ما قَبلها فقُلِبَتْ يَاءً فَصَارَت مِيزَان والبَاقِي مثلُها. فإذا صُغِّرَتا حَذَفْتَ البَدَل، وَرَدَدْتَها إلى أَصْلِها: تَقول في تصغير مِيزان: مُوَيْزِينٌ، وفي مِيقَات: مُوَيْقِيتٌ، وفي مِيعَاد: مُوَيعيدٌ، وكذلك فَعَلُول حينَ كَسَّروا للجَمْع فَقَالُوا: مَوَازِين وَمَواعِيد وَمَواقيت. وإذا صَغَّرتَ: الطَّيَّ، قلت: طُوَيّ، ومثل ذلك: رَيَّانُ وطَيّان تقول في تَصغيرهما: رُوَيَّان وطُوَيَّان. ومن ذلك: عَطَاء وقَضَاء، ووِشَاء، تقول في تصغِيرها: عُطَيٌّ وقُضَيّ وَوُشَيٌّ. وكذلك جميعُ المَمْدُود لا يكونُ البَدَلُ الذي في آخِرِه لازِمًَا أبدًا. فَأَمَّا تَصغيرُ عِيد فَعُيَيْدٌ، ولَم يَقُولوا: عُوَيَّد، لأَنَّ جَمعَها أعْيادٌ. -27 ما يُصَغَّر على جَمْعه المُكَسَّر مِنَ الرباعي: وَذَلِكَ قولُكَ فَي خَاتَم: خُوَيْتِم، وأصل تَكْسِيرها: خَوَاتِم، فأبْدَلتَ الياءَ بِالأَلِفِ ومثلُهُ في طَابِق: طُوَيْبِقٌ، ودَانِقٌ: دُوَيْنِق، وَدِرْهم: دُرَيْهم. ومن العرب من يقول: خَويْتيمٌ، ودُوَيْنيق، ودُرَيْهيم. -28 تصغير كلِّ اسمٍ مِن شَيْئَين ضُم أَحَدُهُما للآخَر: ومِثلُ هذا يكون تَصْغِيرُه في الصَّدْر، وذلِكَ قولُك في حَضْرَمَوْت: حُضَيْرَمَوْتُ، وفي بَعْلَبَكَّ: بُعَيْلَبَكَّ. وفي خَمْسَةَ عَشَرَ: خُمَيْسَة عَشَر، وكذَلِكَ جميعُ ما أَشْبه ذلكَ وأَمَّا اثْنا عَشَرَ فَتَقُول في تَصْغيره: ثُنَيَّا عَشَرَ. -29 تَصْغيرُ المُؤنَّث الثُّلاثي: إذا صُغِّرَ المؤنَّثُ الخَالِي مِن عَلامةِ التَّأْنِيث الثُّلاثيّ أصْلًا وحالًا كـ "دَار، وسِنّ، وأُذُن، وعَيْن" أو أَصْلًا كـ "يَد" أو مَآلًا بأنْ صارَ بالتَّصْغِير مُؤَنَّثًا. كُلُّ هَذا تَلْحَقُهُ التاءُ إنْ أَمِن اللَّبس فتقولُ في تَصْغير دار: "دُوَيْرَة" وفي تَصْغير سِنّ: "سُنَيْنَة" وفي أذنٍ: "أُذَيْنَة" وفي عين: "عُيَيْنَة" وفي يد: "يُدَيَّة". وفي حُبْلى، وسَوْدَاء: "حُبَيْلَة وَسُوَيْدَة". وفي سَمَاء: "سُمَيَّة" (أصله: سميي بثلاث ياءات الأولى: للتصغير، الثانية بدل المدة، والثالثة بدل الهمزة المنقلبة عن الواو لأنه من سما يسمو، حذفت منه الثانية لتوالي الأمثال). فلا تَلحقُ التاء نحو "شَجَر وَبَقَر" لئلا يَلْتَبِسا بالمُفرَد، وإنَّما تقول: "شُجَيَر، وبُقَيَر". ولا تَلْحقُ التَّاءُ نحو: "خَمْس وسِت" لئلا يَلْتَبِسا بالعَدَد المذكر. ولا تَلْحَقُ التاء نحو "زَيْنَب وسُعَاد" لِتَجَاوُزِها الثلاثة. وشَذَّ تركُ التاءِ في تَصْغير "حُريْب وعُرَيب ودُرَيْع ونُعَيْل" ونحوهن مع عدم اللبس. وشذَّ وجودُ التاء في تصغير "وَرَاء وأمام وقُدَّام" مع زيادتهن على الثلاثة، فقد سمع "وُرَيِّئَة وَأُمَيِّمَة وَقُدَيْدِيمَة". (يتبع...) (تابع... 2): التَّصْغير:...... -30 تَصْغير الإشارَة والمَوْصُول: التَّصْغيرُ مشن خَواصِّ الأسْماء المُتَمَكِّنَةِ ومِمَّا شَذَّ عَنْ هَذا أَرْبَعةٌ: اسمُ الإشارة واسمُ الموصول، وأَفْعلُ في التَّعجب. فأَمَّا اسْمُ الإِشَارَةِ فقد سُمِع التَّصْغيرُ منه في خَمْسِ كَلِمات، وذلِكَ قولُهم في هَذا: هَذَيَّا، وفي ذاك: ذَيَّاكَ وفي تا: تَيَّاك، وفي ذَيَّا: ذَيَّان، وفي تَيَّا: تَيَّان للتثنية، وفي أُلاَءِ: أُلَيَّاء. أَوْ تَحْلِفي بِرَبِّكِ العَلِيِّ *** أَنِّي أبو ذَيَّالِكِ الصَّبِي وقالُوا في تَصْغير "أُولَى" (بالقصر: لغة بني وهي بمعنى أولاء) بالقصر "أُولَيَّا" ولم يُصغِّروا منها غيرَ ذلك. وأَمَّا اسْمُ المَوْصُول فقالوا في تصغير "الذي والتي". "اللَّذَيَّا واللَّتَيَّا" وفي تثنيتهما: "اللَّذَيَّانِ واللَّتَيَّانِ". وفي الجمع "اللَّذَيُّون" رفعًا و "اللَّذيَّين" جَرًّا وَنَصْبًا، وفي جمع "اللَّتَيَّا": "اللَّتَيَّات". -31 تَصْغِيرُ اسمِ الجمع، وجمع القلة: يُصَغَّرُ اسمُ الجَمْع لَشَبَهِهِ بالواحد فيقال في رَكْب "رُكَيْب" وكذلك جُمُوع القِلَّة كقولك في "أَجْمال: أُجَيْمَال". -32 جمعُ الكَثرةِ لا يُصغَّر: جَمْعُ الكَثرة لا يُصَغَّر لأن التَّصغِير لِلقِلَّة، والجمعُ للكثرة، فبينما مُنافاة، فَعِنْدَ إرادَةِ تَصغيرِ جمعِ الكَثْرةِ يُرَدُّ الجمعُ إلى مُفْردِه ويُصَغَّرُ ثُمَّ يُجمَعُ بالواو والنون إن كان لمذكَّرٍ عاقلٍ، تقول في: "غِلْمَان" "غُلَيِّمُون" وبالألف والتاء إنْ كان لمؤنَّث أو لمذكَّر لا يعقل تقول في "جَوَارٍ" و "درَاهم": "جُوَيْرِيات" و "درَيْهِمات" إلاَّ مَا لَه جَمْعُ قِلَّة، فيجوزُ رَدُّه إليه كقولكَ في فِتْيان "فِتْيَة". -33 ما يصغر على غير بناء مُكَبَّرِه: فَمِنْ ذلِكَ قَوْلُ العرب في مَغْرِبِ الشمس: مُغَيرِبَانُ، وفي العَشَيّ: آتِيكَ عُشَيَّانًا. ويقول سِيبويه: وسَمِعْنا من العَرب من يقولُ في تَصْغير عَشِيَّةِ: عُشَيْشِيَةٌ. أَمَّا قولُهُم: آتِيك أُصَيْلالًا فإنما هو أُصَيْلانٌ أبْدَلُوا اللام منها. وأَمَّا قولُهُم: آتِيك عُشَيَّانَاتٍ ومُغَيْرِبَانَاتٍ، فإنما جَعَلُوا ذلِكَ الحِين أجْزَاءَ. ومِمَّا يُصَغَّر على غَيرِ بِنَاء مُكَبَّرِه: إنْسانٌ، تَقُولُ في تصغيره: أنُيْسِيَانٌ، وفي بَنُون: أُبَيِّنُون، ومثلُ ذلِك لَيْلَةٌ، تَصْغيرها: لُيَيْلَةٌ، وقَولُهم في صِبْيَة: أُصَيْبِيَةٌ. وفي غِلْمَة: أُغَيْلِمَةٌ. كَأَنَّهُم صغَّروا: أَغْلِمة وأصْبِيَة. -34 ما جَرَى في الكَلامِ مُصَغّرًا وَتُرِك تَكْبِيره: وَذَلِكَ قولُهم: جُمَيْلٌ وكُعَيْتٌ وهو البلبل، وقالوا: كِعْتَانٌ، وجِمْلانٌ فجاؤوا به على التَّكْبير، وَلَو جَاؤوا بجَمْعِه على التَّصْغير لقالوا: جُمَيْلات وكُعَيَّات. فليسَ شيءٌ يُرادُ به التَّصغير إلاّ وفيه ياء التَّصْغير. ومثلُهُ: كُمَيْت: وهِيَ حُمْرَةٌ مُخالِطها سَوَاد، فإنَّما حَقَّرُوها لأَنَّها بَيْن السَّوادِ والحُمْرَة. وأمَّا سُكَيْت فَهُو تَرْخِيم سُكَّيْت. وهو الذي يجيء آخِرَ الخَيل. (=ترخيم التصغير). -35 أَسْماء لا تُصَغَّر: فَمِنْها المُضْمَرَاتُ، وأسماءُ الاسْتِفْهام، وأَسْماءُ الشَّرط، ولا تُصَّغَرُ غَير، وكَذَلِكَ: حَسْبُكَ، وأَمْسِ، وَغَدٌ وَلا تُصَغَّر أسْماء شُهور السَّنَةِ، ولا تُصَغَّرُ عِنْد، ولا عَنْ، ولا مَعْ، ولا يُصَغَّرُ الاسمُ إذا كان بِمَنْزِلَةِ الفِعل، أَلا تَرى أَنَّه قَبِيحٌ: هُوَ ضُويَرِبٌ زَيْدًا، وهو ضوَيْرِبُ زَيْدٍ، وإنْ كانَ ضاربُ زيدٍ لما مَضى فَتَصْغيرُه جَيِّدٌ. وكذَلِكَ لا يصغَّر: أَوَّلُ مِنْ أمْسِ، والثَّلاثاءُ، والأَرْبُـِعاءُ، والبارِحَةُ وأشْباهُهُنَّ. تَصْغِير اسمِ الإشارة = (التصغير 30). تَصْغيرُ اسمِ الجمع = (التصغير 31). تَصْغير اسم الإشارة، واسمِ المَوْصُول والتعجب= (التصغير 30). تَصْغير الترخيم = (ترخيم التصغير). تصغير جمع القلة = (التصغير 31). تَصغير جمع الكثرة = (التصغير 32). تَصْغيرُ ما حُذِفَ أَحَدُ أُصُوله - (= التصغير 12). تَصْغيرُ ما فِيهِ أَلِفٌ ونُون - (=التصغير 8). تَصْغِير المقلوب - (= التصغير 11). تَصْغير المُؤنث الثلاثي - (=التصغير 29). التَضْمِين: قَد يُشْرِبون لَفظًا مَعْنَى لَفْظٍ فيعطونه حُكْمَه ويُسمَّى ذلك تَضْمِينًا وفَائِدتُه: أنْ تُؤدِّي كَلِمَةٌ مُؤَدَّى كَلِمَتَين، قال تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إلى أَمْوَالِكُمْ} (الآية "2" من سورة النساء "4") أي ولا تَضُمُّوها إليها آكِلِين. والذي أفَادَ التَّضْمِين: إلى. ومثلُه: {الرَّفَثَ إلى نِسَائِكُمْ} (الآية "187" من سورة البقرة "2"). أصلُ الرَّفَثِ أن يَتَعَدَّى بالباء فلمَّا ضُمِّنَ معنى الإِفْضَاء عُدِّيَ بـ "إلى" مثل: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إلى بَعْضٍ} (الآية "21" من سورة النساء "4"). تَعَالَ:
قال الأزهري: تقول العرب في النداء للرجل: تعالَ بفتح اللام، وللاثنين: تعالَيَا، وللرجال: تعالَوْا، وللمرأة تعالَيْ وللنساء تَعَالَيْن كلها بفتح اللام ولا يقال: تَعَالَيتُ بهذا المبنى ولا ينهى عنه. التَّعَجُّب:
-1 تَعْرِيفُه: هو انْفِعَالٌ في النَّفْسِ عندَ شُعُورِهَا بما يَخْفَى سَبَبُهُ فإذا ظَهَرَ السَّبَبُ بَطَل العَجَب. -2 صيغُ التَّعَجُّب: للتَّعجُّب صِيَغٌ كَثِيرةٌ، منها قوله تعالى: {كَيْفَ تكْفُرُونَ بِاللَّهِ وكُنْتُم أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ} (الآية "28" من سورة البقرة "2") وفي الحديث: (سُبحانَ اللَّهِ إنَّ المؤمِنَ لا يَنْجُس). ومن كلامِ العرب "لِلَّهِ دَرُّه فارِسًا" والمُبَوَّبُ له في كُتُب العربيَّة صِيغَتانِ لا غَيْر ولا تَتَصَرَّفان: "ما أَفْعَلَهُ، وأَفْعِلْ به". لاطِّرَادِهما فيه نحو "ما أَجْمَلَ الصِّدْقَ" و" أكْرِمْ بصَاحِبِهِ". وَبِنَاؤُه أبدًا - كما يَقُول سيبويه - من "فَعَل" و "فعِل" و "فعُل" و "أفْعَل". -3 الصِّيغةُ الأُولى "ما أفعَلَه": هذه الصِّيغةُ مُركبةٌ من "ما" و "أفْعَله" فَأَمَّا "ما" فهي اسمٌ إجْماعًا، لأنَّ في " أفْعَلَ" ضَميرًا يعودُ عليها، كما أجْمَعُوا على أَنها مُبتدأ، لأنها مُجَرَّدَةٌ للإِسْنادِ إليها. ثم اخْتَلَفُوا: فعِنْدَ سِيْبَوَيهِ أنَّ "ما" نَكْرَةٌ تَامَّةٌ بمعنى شَيء، وجازَ الابْتِداءُ بها لِتَضَمُّنها مَعْنى التَّعَجُّب وما بَعدَهَا خَبَر، فَمَوضِعُه رَفْعٌ. وعِنْد الأَخْفَش: هي مَعْرِفَةٌ ناقِصَةٌ. بِمَعْنى الذي، وما بعدَها صِلَةٌ فلا مَوضِعَ له، أَو نَكِرَةٌ ناقِصَةٌ وما بعدَها صِفةٌ، وعلى هذين فالخَبَرُ محْذُوفٌ وُجُوبًا (وليس هذا القولُ بالمرضي كما في الرَّضي، لأنه حذف الخبر وجوبًا مع عدم ما يَسُدُّ مَسَدَّه، وأيضًا ليس في هذا التقدير معنى الإبهام اللائق في التعجب كما كان في تقدير سيبويه) تقديرُهُ: شَيءٌ عظيم. وأمَّا "أَفْعَل" فالصحيح (وهو قول سيبويه والكسائي): أنها فِعلٌ لِلُزومِهِ مع ياءِ المُتكلِّم نونَ الوِقاية نحو "ما أَفْقَرَنِي إلى رحمةِ اللّه". ففتحتُه فَتحةُ بناءٍ، وما بعده مفعول به (وقال بقية الكوفيين: اسمٌ لِمَجِيئه مصغرًا في قوله: "يا مَا أُمَيْلِح غِزْلانًا شَدَنَّ لنا" ففتحته فتحة إعراب). -4 الصيغةُ الثانية "أَفْعِلْ به": أجْمعوا على فِعْلِيَّة "أفْعِلْ" وأكثرهم على أن لفظضه لَفظُ الأمر ومَعْناه الخبر، وهو في الأصل ماضٍ على صِيغة "أفعل" بمعنى صار ذا كذا، ثمَّ غُيِّرتِ الصِّيغةُ فقبح إسنادصيغةِ الأمر إلى الاسم الظاهر، فزيدَتْ الباءُ في الفاعل ليصيرَ على صورةِ المفعول به ولذلك التُزِمَتْ (وقال الفَرَّاء والزَّجَّاج والزَّمخشري وغيرهم: لفظه الأمر، وفيه ضمير للمخاطب، والباء للتعدية، فمعنى: "أجملْ بالصِّدق" اجعلْ يا مُخَاطَبُ الصدقَ جَميلًا أي صِفْه بالجمال كيفَ شِئتَ). -5 شُروطُ فِعْلَيْ التَّعَجّب: لا يُصاغُ فِعْلا التَّعَجُّب إلاّ مِمَّا اسْتَكْمَلَ ثَمانيةَ شُرُوط: (الأَوَّل) أنْ يكونَ فِعلًا فَلا يُقال: ما أَحْمَرَه: من الحِمار، لأنَّه ليسَ بفعلٍ. (الثاني) أن يَكونَ ثُلاثِيًا فلا يُبْنَيَانِ مِنْ دَحْرَجَ وضارَبَ واستَخْرَج إلاَّ "أَفْعل" فيجوز مطلقًا (عند سيبويه). وقيل يَمْتَنِعُ مُطْلَقًا، وقال َيجُوزُ إنْ كانت الهمزةُ لغير نقل (المراد بالنقل: نقل الفعل من اللزوم إلى التعدي، أو من التعدي لواحد إلى التعدي لاثنين، أو من التعدي لاثنين إلى التعدي لثلاثة وذلك بأن وضع الفعل على همزة). نحو "ما أَظْلَم هذا الليل" و "ما أَقْفَرَ هَذا المَكَان". (الثَّالث) أنْ يكونَ مُتَصَرِّفًا، فلا يُبْنَيَانِ من "نِعْمَ" و "بئْس" وغيرِهما مِمَّا لا يَتصَرَّف. (الرابع) أَنْ يَكونَ معناه قَابلًا للتَّفاضُل، فلا يُبْنَيانِ من فَنِيَ وماتَ. (الخامِس) أن يَكونَ تامًّا، فلا يُبنيان من ناقصٍ من نحو "كانَ وظَلَّ وباتَ وصارَ". (السادس) أن يكونض مُثْبتًا، فلا يُبْنَيَانِ مِنْ مَنْفيٍّ، سواءٌ أكانَ مُلازِمًا للنَّفيِ، نحو "ما عاجَ بالدَّواءِ" أي ما انْتَفَعَ بِهِ، أم غيرَ ملازِمٍ كـ " ما قام". (السابع) أن لا يكونَ اسمُ فاعِلِه على "أفْعَلَ فَعْلاء" فلا يُبْنَيَانِ من: "عَرَج وشَهِل وخَضِرَ الزَّرعُ". لأنَّ اسمَ الفاعل من عَرَجَ "أَعْرَج" ومؤنثه "عَرْجَاء" وهكذا باقي الأمثلة. (الثامن) أنْ لا يَكونَ مَبْنِيًّا للمفعول فلا يُنَيَان من نحو "ضُرِبَ" وبعضهم ويَسْتَثْنِي ما كان مُلازِمًا لِصيغَةِ "فُعِلَ" نحو "عُنِيتُ بِحاجَتِكَ" و "زهِيَ علينا" فيُجيزُ " ما اَعْناه بِحاجَتِكَ" و "ما أزْهَاهُ عَلَيْنا". فإنْ فَقَدَ فِعْلٌ أَحَدَ هذه الشُّروط، اسْتَعَنَّا على التَّعَجُّب وُجُوبًا بـ " أشَدَّ أو أشْدِد" وشِبْهِهِمَا، فتَقولُ في التَّعَجُّب من الزائد على ثلاثة "أَشْدِد أو أَعْظِمْ بِهما" وكذا المَنْفيّ والمَبْنِيّ للمَفْعولِ، إلاَّ اَنَّ مَصْدَرها يكونُ مُؤَوَّلًا لا صَرِيحًا نحو "ما أكثرَ أنْ لا يقومَ" و "ما أعظَمَ ما ضُرِب" وأشْدِدْ بهما. وأمَّا الجَامِدُ والذي لا يَتَفاوت مَعناه فلا يُتَعَجَّبُ منهما البَتْة. وهُناكَ ألفاظٌ جاءَتْ عن العربِ في صِيغِ التَّعَجُّب لم تَسْتَكْمِلِ الشُّروطَ، فَهذِه تُحفَظُ ولا يُقاسُ عليها لِنُدْرَتها، من ذلك قولهم: "ما أخْصَرَه" من اخْتُصِرَ، وهو خُماسِيٌّ مبنيٌّ للمَفْعُول، وقولُهم "ما أَهْوَجَه وما أَحْمَقَه وما أَرْعَنَه". كأنَّهُمْ حَمَلوها على "ما أَجْهَلَه" وقولُهم: "اَقْمِنْ به" بَنَوْه من قولهم "ما أَجَنَّه وما أَوْلَعَه" من جُنَّ وَوُلِعَ وهما مَبْنِيَّان للمَفْعولِ. -6 حَذْفُ المُتَعَجّب منه: يضجوزُ حذفُ المُتَعَجَّبِ مِنه في مِثلِ "ما أحْسَنَه" إنْ دَلَّ عليه دليلٌ كقولِ الشاعر: جَزَى اللَّهُ عَنّي والجَزَاءُ بفضله *** رَبيعةَ خَيرًا ما أَعَفَّ وأَكْرَما أ ي ما أَعَفَّها وأكْرَمَها. وفي مثل "أحْسِنْ به" إنْ كان مَعْطُوفًا على آخَرَ مَذكُورٍ مَعَه مثلُ ذلكَ المَحْذُوف نحو {أسْمعْ بهم وأبْصِرْ} (الآية "38" من سورة مريم "19")، أي بهم، أما قولُ عُرْوة بنِ الوَرْد: فَذَلِكَ إنْ يَلْقَ المَنِيَّةَ يَلْقَها *** حَمِيدًا وإنْ يَسْتَغْنِ يَومًا فأَجدِرِ أي "فأجْدِرْ به" فشاذٌ. -7 لا يتقَدَّمُ معْمُولٌ على فِعْلَيِ التَّعَجُّب، ولا يُفصَلُ بَيْنَهما: كلٌّ مِنْ فِعْلَي التَّعَجُّب جامِدٌ لا يَتَصَرَّف نظير "تَبارَكَ وعَسى" و "هبْ وتَعَلَّمْ". ولِهَذا امْتَنَعَ أن يَتَقَدَّمَ عَليْهما معمُولُهُما. وأنْ يُفْصَلَ بينَهما بِغَيرِ ظرفٍ ومجرُورٍ. فلا تقولُ: ما الصدْقَ أجْمَلَ، ولا بِهِ أجْمِلْ، ولا تقولُ: ما أجملَ - يا محمَّد - الصِّدْقَ، ولا أَحْسِنْ - لولا بخلُه - بزيدٍ. أَمَّا الفصلُ بالظَّرف والمَجْرُور المتعلقين بالفعل، فالصَّحيح الجوازُ كقولهم: "ما أَحْسَنَ بالرَّجُلِ أنْ يَصْدُقَ" و "ما أقبَحَ به أن يَكذِبَ" ومثله قول أَوْسِ بنِ حجَر: أُقِيمُ بدارِ الحَزْمِ ما دَامَ حَزْمُها *** احْرِإذا حَالت لأَنْ أَتَحَوَّلا فلو تَعَلَّقَ الظَّرفُ والمَجْرورُ بمعمولِ فعلِ التَّعَجُّب لم يجز الفَصْلُ بهما اتفاقًا فلا يجوزُ نحو "ما أحْسنَ بمَعْرُوفٍ آمرًا" و "ما أَحْسَن عِندَكَ جالِسًا" ولا "أحسِنْ في الدَّارِ عِندكَ بِجالِسٍ". -8 شرطُ المَنْصُوبِ بعد "أفْعَل" والمجرورِ بعدَ "أفْعِل": شَرْطُ المَنْصُوب بعد "أفْعَل" والمجرور بعد "أفْعِل" أن نكونَ مُخْتصًا لتحصل به الفائدةُ، فلا يجوزُ "ما أَحْسَنَ رَجُلًا" ولا "أحسِن بِرَجُلٍ". -9 التَّنازُع في التعجب: يَتَنازَع فعلا التَّعَجُّب تقول: "ما أَحْسَنَ ومَا أَكْرَمَ عَلِيًّا" على إعمال الثاني، وحذف مفعول الأول، و "ما أحسَن وما أكْرَمه عليًّا" على إعمال الأول (شرح الكافية ج 1 ص 73 - 74). -10 مَعْمُول التَّجب بـ "كان" و "ما المصدرية": تقول "ما أحسَنَ ما كان زيدٌ" فترفع زيد بـ "كان" وتجعل "ما" مع الفعل في تأويل المَصْدَر، التَّقْدِير: ما أحسنَ كَوْنَ زيدٍ. تَعْسًا: مَصْدَرٌ مَنصُوبٌ، وفِعْلُه واجِبُ الحَذْفِ، تقول "تَعْسًا للخَائِن" أي اَلْزَمَه اللَّهُ هَلاكًا. تَعَلّمْ: بِمَعْنَى اعْلَم، ليسَ لها ماضٍ ولا مُضارِعٌ، ولا غَيرُه، وهي من أَفْعال القلوب، وتُفيد في الخَبَر يَقينًا تَتَعدَّى إلى مَفْعولَيْن. نحو قول زياد بن سَيَّار: تَعَلَّمْ شِفاءَ النَّفسِ قَهْرَ عَدُوِّها *** فَبَالِغْ بِلُطْفٍ في التَّحَيُّلِ والمَكْرِ والأكثرُ وقوعُ "تَعَلَّمْ" على "أَنَّ" وصِلَتِها فتَسُدُّ مَسَدَّ المَفْعولين كقولِ زُهَيْر بنِ أبي سُلمى: فقُلْتُ تَعَلَّمْ أَنَّ للصَّيْدِ غِرَّةً *** وإلاَّ تُضَيِّعْها فَإنَّكَ قَاتِلُه (فـ "أن" مع اسمها وخبرها سدت مسد مفعولي تعلو وهو الأكثر) فإن كانضتْ أمْرًا مِن تَعَلَّمْ يَتَعَلَّم تَعَلَّمْ تَعَدَّتْ إلى مَفْعولٍ وَاحِدٍ. (= المتعدي إلى مفعولين). التّفْضِيل: (=اسم التَّفضِيل). تَفْعال: كلُّ ما جاءَ على زِنَةِ "تَفْعال". فهو بِفَتْح "التّاء" إلاّ ستَّة عَشَرَ اسْمًا فهي بِكَسْرِ التَّاء: منها اثْنان بِمعنى المَصْدر وهما "تِبْيان" و "تلْقاء" والبَاقي أسماءٌ منها: "تِنْبَال" للقصير، و "تمْرَاد" لبيت الحَمام، و "تمْساح" و "تلْعاب" لكثير اللعب، و "تكْلام" لكثير الكلام، و "تهواء" من الليل قطعةٌ منه. تَقول بِمَعْنى تَظُنُّ = ظن. التّمْييز:
-1 تعريفه: ما يرفَعُ اٌلإبْهامَ المُسْتَقِرَّ عَنْ ذاتٍ مَذكورة، نَكرةٍ بمعنى مِن وهو مُفْرَد، أو نِسْبَةٍ وهو الجُمْلَة، وهاكَ التَّفْصِيل. -2 الاسمُ المُفْرد المُبْهم: هو أربعة أنواع: (1) العَدَدُ: نحو "أَحَدَ عَشَرَ كوكبًا" (الآية "4" من سورة يوسف "12"). وفي بحث "العدد" الكلامُ عليه مفصَّلًا. (العدد). (2) المِقْدار: وهو ما يُعْرَفُ به كَمِّيَّةُ الأشياء، وذلِكَ: إِمَّا "مَساحة" كـ "ذِرَاعٍ أَرْضًا" أو "كَيْل" كـ "مُدٍ قَمْحاُ" و "صاعٍ تَمْرًا" أو "وَزْن" كـ "رَطْلٍ سَمنًا" ونحو قولك: "ما في السَّماء مَوْضِعُ كَفٍّ سَحابًا" و" لي مِثْلُه كِتابًا" و "على الأرَضِ مِثْلُها ماءً". و "ما في النَّاسِ مِثْلُه فَارسًا". ونحو: "مِلءُ الإناءِ عَسَلًا" ومنه قوله تعالى: {مِثْقال ذَرَّةٍ خَيْرًا} (الآية "7" من سورة الزلزلة "99")، وقوله تعالى: {وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} (الآية "109" من سورة الكهف "18"). (3) ما كان فَرْعًا للتَّمْييز. وضابِطه: كلُّ فَرْع حَصَل له بالتَّفْريع اسْمٌ خاصٌّ، يليه أصْلُه، بحيث يَصِحُّ إِطْلاقُ الأصلِ عليه نحو "هذا بابٌ حديدًا" و "هو خاتَمٌ فِضَّةً". وهذا النَّوعُ يَصِحُّ إطْلاقُ الأصلِ عليه نحو " هذا بابٌ حديداُ" و "هو خاتَمٌ فِضَّةً". وهذا النَّوعُ يَصِحُّ أَنْ يُعْرَبَ حالًا. أمَّا النَّاصبُ للتمييز في هذِه الأنواعِ فهو ذلك الاسْمُ المُبْهم، وإنْ كان جَامِدًَا لأنَّه شبيهٌ باسْمِ الفاعل لِطَلَبه له في المعنى. -3 النسبةُ المبهَمَةُ: نوعان: (1) نسبةُ الفعلِ للفاعل نحو قوله تعالى: {اشْتَعَلَ الرَّأسُ شَيْبًا} (الآية "3" من سورة مريم "19") أصله: اشتَعَلَ شَيبُ الرأسِ. (2) نِسْبَةُ الفِعل للمَفْعُولِ نحو قوله تعالى: {وفَجَّرْنا الأرْضَ عُيُونًا} (الآية "12" من سورة القمر "54") أصْله: وفَجَّرْنا عُيونَ الأرض. ومن مُبَيِّن النِّسبةِ: التَّمْييزُ الوَاقِعُ بعد ما يُفيدُ "التَّعَجُّب" نحو "أكْرِمْ بالشَّافِعي قُدْوةً" و "ما أَعْلَمَهُ رَجُلًا" و "للَّهِ دّرُّهُ إمامًا". والواقعُ بعد "اسم التفضيل" نحو "أنتَ أطْيبُ من غيرِكَ نَفْسًا" "هو أشْجَعُ الناسِ رجلًا" و "هما خيرُ النَّاس اثْنَيْن" فرجُلًا واثْنَيْن انْتَصَبا على التمييز. وشَرْطُ وجُوبِ نَصْبِ التَّفْضيل للتميّيز كونُه فاعِلًا في المَعْنى، وذلك بأنْ يَصْلُحَ جَعْلُه فَاعِلًا، بعدَ تحويل اسمِ التَّفضيل فعلًا فتقول: "أنْتَ طَابتْ نَفْسُك". أمَّا إذا لم يكُنْ فَاعِلًا في المعْنى، فيجب جرُّ التَّمْييز به، وضَابِطُه: أنْ يكونَ اسمُ التَّفْضِيل بعضًا من جِنْس التَّمْيّيز، بحيثُ يَصِحُّ وَضْعُ لَفْظ "بَعْضِ" مكاتَه نحو "أبو حنيفة أفقهُ رجُلٍ" و "هنْدٌ أحْصَنُ امرأةٍ" فيَصِحُّ أن تقول: "أبو حنيفةُ بَعْضُ الرِّجال" و "هنْدٌ بَعضُ النِّساءِ". وَإِنَّما نَصبَ التَّمييز في نحو "حَاتمق أكرَمُ النَّاسِ رجُلًا" لتَعذُّرِ إضافةِ أَفْعلِ التَّفضيل مَرَّتَيْن والناصب له في هذه الأنواع: ما في الجملةِ من فعل مقدر كما تقدَّم أو شبههِ نحو "خالِدٌ كريمٌ عُنْصُرًا". -4 من التمييز: وذَلِكَ قولُك: "وَيْحَهُ رَجلًا" وأنتَ تُرِيدُ الثناءَ عليه. و "للَّهِ دَرُّهُ رَجُلًا" و "حسْبُك به مِنْ فارسٍ، ومِثلُ ذلك قولُ العباس بنِ مرداس: ومُرَّةُ يَحْمِيهمْ إذا ما تَبَدَّدُوا *** ويَطْعَنُهُم شَزْرًا فأبْرَحْتَ فَارِسًا (يمدح مُرة بأنه إذا تَبَدَّدت الخيلُ في الغَارة رَدَّها وحَماها، ويطعنهم شَزْرًا: الشَّزَر: ما كانَ في جانبٍ وهو أشَّد، وأَبْرحَتْ: تَبَيَّنَ فضلُك كما يَتَبَيَّنُ البَرَاح من الأرض، والشاهد: فارسًا وهو منصوب على التمييز) فَكَأَنَّه قال: فَكَفَى بِكَ فَارِسًا. ومن ذلك قةلُ الأَعْشَى: تقولُ ابْنَتِي حِينَ جَدّ الرَّحِيلُ *** فَأَبْرَحْتَ رَبًّا وأَبْرَحْتَ جارًا (فأبرحَت ربًّا وأبْرَحَت جَارًا تمييزُ والمعنى: ظهرتَ وتبَيَّنْتَ رَبَّا وجَارَا) ومثله: "أكْرِم به رَجُلًا". -5 التَّمْييزُ يَجُوزُ جرُّه بـ "مِنْ": يَجوزُ جَرُّ التَّمييز بـ "مِن" نحو "عِنْدِي قِنْطارٌ مِنْ زَيْتٍ" و "قنْطَارٌ زَيْتًا" إلاَّ في ثلاثِ مَسَائل: (1) تمييزِ العَدَد، نحو "لَهُ عِندِي عِشْرونَ دِرْهمًا". (2) التمييز المُحوَّل عم المفعول نحو: "زَرَعْتُ الأرض قَمْحًا" و "ما أحْسَن العلم ثَمَرَةً". (3) ما كانض فاعِلًا في المعنى، سواءٌ أكان محوَّلًا عن الفاعل في اللفظ، نحو: "كَرُمَ عليٌّ نسبًا" أم عن المبتدأ نحو "صالحٌ أكثرُ صِدْقًا" فأصله: صِدْقُ صالحٍ أكثر بخلاف "للّه دِرّكَ فارسًا" فإنه وإنْ كانَ فاعِلًا في المعنى، إذِ المعنى: عَظُمتَ فارِسًا، إلاّ أنَّه غَيرُ مُحَوَّل عنِ الفاعِل صِناعَةً، ولا عَنْ المُبْتدَأ فيجوزُ دُخولُ "مِنْ" عَليه فتقول: "للَّهِ دَرُّكَ مِنْ فارِسٍ". -6 تمييزُ الذَّات والإضافة: يجوزُ جَرُّ تَمْيّيز الذَّاتِ بالإضافَةِ نحو "اشْتَرَيْت قَيْرَاطَ أَرْضٍ" إلاَّ إذا كان الاسم عَدَدًا مِنْ أَحَدَ عَشَر إلى تَسْعةٍ وتِسْعِين كـ "أرْبَعَةَ عَشَرَ قِرْشًا" أومُضَافًا نحو قوله تعالى: {وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا} (الآية "109" من سورة الكهف "18")، وقوله تعالى: {مِلءُ الأرضِ ذَهَبًَا} (الآية "91" من سورة آل عمران "3"). -7 تَقَدَّم التمييز على عامله: لاَ يَتَقَدُّم التمييزُ على عَامِله في تمييز الذَّاتِ، وكذا النِّسبة إذا كان العَامِلُ فِعلًا جامِدًا نحو "ما أَحْسَنَ عليًّا رَجُلًا" ونَدَر تَقدُّمُه على المُتَصَرِّفِ كقول رَجُلٍ من طيء: أَنَفءسًا تَطِيبُ بنيلِ المُنَى *** ودَاعِي المَنُونِ يُنادِي جِهَارَا -8 اتفاق الحالِ والتمييز: يَتَّفق الحَالُ والتَّمْييز في خمسةِ أُمُور، وهي: أنهما اسْمان، نَكِرَتَان، فَضْلَتان مَنْصُوبَتَان، رَافِعتان للإبهام. -9 افْتِراق الحالِ عن التَّمييز: تَفْتَرِق الحال عَنِ التَّمييز في سبعة أمور: (1) أن الحَالَ يجيءُ جُملةً وظَرْفاُ ومجْرورًا والتمييز لا يكونُ إلاَّ اسمًا. (2) أنَّ الحَالَ قَد يَتَوقَّفُ مَعنى الكلام عليه نحو قولِه تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّماء والأرضَ وما بَيْنَهما لاعِبِين} (الآية "16" من سورة الأنبياء "21") وليس كذلك التمييز. (3) أنَّ الحالَ مُبَيِّنَةٌ للهَيْئَات، والتمييزُ مُبَيِّنٌ للذوات أو النِّسَب. (4) أن الحال تتعدَّدُ بِخِلافِ التَّمْييز. (5) أنَّ الحالَ تتقدَّمُ على عَامِلِها إذا كان فِعْلًا مُتَصَرِّفًا أَوْ وَصْفًا يُشْبهه، ولا يجوزُ ذلِكَ في التَّمْييزِ على الصحيح. (6) حَقُّ الحَال الاشْتِقَاق، وحَقُّ التَّمْييز الجُمُود، وقد يَتَعَاكَسان، فَتَأتِي الحال جامِدَة كـ "هَذا مالُكَ ذَهَبًا" ويأتي التَّمييزُ مُشْتَقًّا نحو "لِلّهِ دَرُّهُ فارسًا". (7) الحَالُ تأتي مُؤكِّدةً لعامِلها بخلاف التمييز. (8) وتَقَدَّم أنَّ الحال بمعنى "في" والتَّمْييز بمعنى "مِن". التَّنازُع:
-1 حَقِيقَتُه: التَّنَازع: أن يَتَقَدَّمَ فِعْلاَنِ مُتَصَرِّفَانِ أو اسْمانِ يُشبِهانِهِما في العَمَل، أو فِعْلٌ مُتَصرِّفٌ واسْمٌ يُشبهُه في التَّصرُّفِ ويتأخَّرُ عَنْهُما مَعْمُولٌ غَيْرُ سَبَبي مَرْفُوع، وهو مَطْلُوبٌ لِكُلٍّ مِنهما مِن حَيْثُ المعنى والطلب، إمَّا على جِهَةِ التَّوافُق في الفَاعِليَّة لَهُما أو المَفْعُولِيَّة أو مَع التَّخالُف فيهما بأن يكون الأوَّلُ على جهةِ الفَاعِليَّةِ، والثَّاني على جِهةِ المَفْعُولية أو بالعَكْس، والعَامِلان: إمَّا فِعْلان، أوْ اسْمان أو مختلفان (وأمثلتها اثْنا عشر مثالًا: مثال الفعلين في طلب المرفوع "قَام وقَعَد الخَطِيبُ" ومِثالُهما في طَلب المَنْصُوبِ "أكْرَمتُ واحترمته زَيْدًا" ومثالُهما في طَلب أحَدِهما المرفوعَ والآخر المنصوبَ "قام وانتظرتُ زيدًا" ومثالهما في طلب العكس "انتظرتُ وقالَ زيدٌ" ومثال الاسمين في طلب المرفوع "أقائمٌ وقاعِدٌ الخَطيبان" ومثالهما من طلب المَنصوب "خالِدٌ مُعَلِمٌ ومُكرِمٌ عَليًا" ومثالُ= اخْتلافهما في الصورتين "محمد جاءَ ومُكرِمٌ أَبويه" وعكسُه "أحمدُ ذاهبٌ ووَاقِفٌ أَبَواه" ومثال الاسمِ والفعل في طلب المرفوع "أَقَائِمٌ أو قَعَد حَسنٌ" ومثالهما في طَلب المنصوب "زيدُ ضارِبٌ ويُكرمُ عَمْرًا" ومثال اختلافهما مع تقدَّم طلبَ المَرفوع "أقائمٌ ويَضْرِبُ عَمْرًا" وعَكْسُهُ "ضربت أو قائم زيد"). مثال الفعلين قوله تعالى: {آتوني أُفْرِغْ عَليه قِطْرًا} (الآية "96" من سورة الكهف "18". فـ{آتونِي} يَطلبُ قِطرًا، على أنه مفعولٌ ثانٍ له، و "أفْرِغ" يطلبُه على أنَّه مفعوله وأُعْمِل الثاني وهو "أفرغ" في "قِطرًا" وأعملَ "آتوني" في ضَميره وحَذَفه لأنه فَضْلَةٌ والأصل آتوني قطرًا، ولو أعمل الأول لقيل "أفرغه")، ومثال الاسمين قولُه: عُهِدْتَ مُغِيثًا مُغْنِيًَا مَن أجَرْتَهُ *** فَلَم أَتَّهِذْ إلاَّ فِناءَك مَوْئلًا (فـ "مغيثًا" من أغاث و "مغنيًا" من أغنى تَنازَعًا "مَن" الموصولة فكل منهما يطلبها من جهةِ المَعْنى على المَفْعولية، وأعملَ الثاني لقربه، وحذفَ ضمير المفعول من الأول، والأصل "مغيثهُ" و "المَوئل" الملجأ) ومثال المختلفين قوله تعالى: {هَاؤمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيَة} (الآية "19" من سورة الحاقة "69" فـ "ها" اسم فعل أمر بمعنى "خذ" والميم للجمع و "اقرؤوا" فعل أمر تنازعا "كتابية" وأعمل الثاني لقربه). -2 تعدد المتنازِع والمُتنازَع فيه: كما يكونُ المتنازِع عامِلَين، يكونُ أكثرَ، والمتنازَع فيه كما يكونُ واحدًا يكون أكثرَ، ففي الحديثِ: (تُسَبِّحونَ وتُكَبِّرون وتحمَدُونَ، دُبَرَ كُلِّ صلاةٍ ثلاثًا وثَلاثين) فتَنَازَعَ ثلاثة (الثلاثة هي "تسبحون وتكبرون وتحمدون") في اثنين: ظَرفٌ ومَصْدر (الظرف: "دبر" والمصدر "ثلاثًا" أي تسبيحًا ثلاثًا). -3 يمتنعُ التَّنازُع في أشياء: عُلِمَ أنَّ المتنازعَيْن، لا بُدَّ أنْ يكونا فِعْلَين أو اسمين مُشْتَقَّين، أو مُخْتَلِفَي الاسْمِيَّة والفِعْلِيَّةِ، فلا يَقعُ التَّنازُعُ بينَ حَرْفين، ولا بينَ حَرْفٍ وغَيْرِه، ولا في مَعْمُولٍ متَقَدِّمٍ نحو "أَيُّهُم كلَّمتَ واستَشرتَ" ولا في مُتَوَسِّط نحو "استقبلتُ عليًّا وأكرمت" ولا في سَبَبِي مَرفُوع نحو قول كُثَيِّر عزة: قَضَى كلُّ ذِي دَيْنٍ فَوفَّى غريمَه *** وعَزَّةُ مَمْطُولٌ مُعَنَّى غَريمُها (فـ "غريمها" مبتدأ ثان، والمبتدأ الأول "عزة" و "ممطول ومعنى" خبران للمبتدأ الثاني) ولا في قول جرير: فَهَيْهَاتَ هَيْهاتَ العَقِيقُ ومَنْ بِه *** وَهَيْهَاتَ خِلٌّ بالعَقِيقِ نُواصِلُه (الطالب للمعمول هنا هي "هيهات" الأولى، طلبت فاعلها وهو "العقيق" أما الثانية فهي لمجرد التقوية، فلا فاعل لها) ومثله قولُ الشاعر: فَاَيْنَ إلى أيْنَ النَجاةُ بِبِغْلَتي *** أَتَاكِ أَتَاكِ اللاحِقُون احْبِسِ احْبِسِ "فاللاَّحِقون" فاعل "أَتَاكِ" الأَوَّل، و "أتاكِ" الثاني لمجرَّد التَّقْويةِ فلا فاعلَ له، ولو كانَ مِنَ التنازعِ لقال: "أتاك أَتوك" على إعمال الأولى، أو "أتوك أتاك" على إعمال الثاني. -4 يجوزُ إعمال أَحدِ العَامِلَيْن: إذا تَنَازعَ العَامِلان جازَ إعمالُ ما شِئتَ مِنْهما باتِّفاق، لكِنْ اخْتَارَ البَصْريُّون الأَخِير لقُرْبه، واخْتارَ الكُوفيُّون الأَول لِسِبقهِ. -5 صور العمل في التَّنازع: إذا أَعْملنا الأول في الظاهر المتنازَع فيه أعْمَلْنا الثاني في ضميرهِ مَرْفُوعًا كان أو مَنْصُوبًا أو مَجْرُورًا نحو "قامَ وقعدا أخواك" و "جاء وأكرَمْتُه محمَّدٌ" و "قام ونظرتُ إليهما أَخَواك" وأَمَّا قولُ عاتِكةَ بنتِ عبدِ المطَّلبِ: بِعُكَاظَ يُعْشِي النَّاظريـ *** ـنَ - إذا هُمُو لَمحُوا - شُعاعُه فضرورة فقد أعمل الأول وهو يُعشِي، فَرفِع به شُعَاعُه، وعَمِلتْ "لَمَحُوا" في ضميره وحذَفَه، والتَّقدير: "لَمَحُوه" وإنْ أعْمَلْنَا الثاني: فإنِ احتاجَ الأولُ لمرفوع أُضْمِر، وإن عادَ الضميرُ على مُتَأَخِّر لَفْظًا ورتبةً، لامْتِنَاع حَذْفِ العُمْدة وهو الفَاعلُ، ولأَنَّ الإضْمارَ قد يعودُ على لَفْظٍ مُتَأَخِّر في غير هذا الباب نحو "رُبَّهُ رجُلًا (رجلًا: تمييز، ورُتْبَةُ التمييز التأخير والضمير في ربَّه، عائدٌ عليه وهو متأخر لفظًا ورتبة، ومثله "نِعْم فتىً" فتىً فاعل نِعْم يعودُ على "فتى" وفتى تمييز، فعاد على متأخِّر لَفْظًا ورُتْبَةً) ونِعْم فَتىً". وجاء الإضمارُ قبل الذكر في التنازع من كلام العرب نثرٍ وشِعر، فالنَّثْر نحو قول بعضِ العرب "ضَرَبُوني وضَرَبْتُ قَوْمَك" بنصب "قَومَك" والشعر وكقوله: جَفَوْنِي، ولم أجْفُ الأَخِلاءَ إنني *** لِغَير جَميلٍ من خَليليَّ مُهمِلُ (فأنت ترى أنه أعْمل الثاني فنصَب الأخلاء وعَمْل الأول في الواوِ العائدةِ على الأَخلاء و "الأخلاء" جمع خليل) وإن أعْمَلْنا الثاني، واحتاج الأَوَّلُ لمنصوبٍ لفظًا، أو محلًا (لفظًا: ما يصل إليه العامل بنفسه، ومحلًا: هو ما يتصل إليه العامل بواسطة حرف جر). وجب حذف المنصوب لأنَّه فَضْلةٌ، وليس من ضَرورة فيها أن يَعودَ الضَّميرُ على مُتَأَخِّرٍ لَفْظًا ورُتْبةً، وأما قولُ الشاعر: إذا كُيتَ تُرْضِيهِ ويُرْضِيكَ صاحِبٌ *** جِهارًا فكُنْ في الغَيبِ أَحْفَظَ للوُد بإعمال الثاني وهو " يرضيك" وإضمار المفعول في الأَوَّل وهو: تُرْضيه، فهذا ضَرُورة عند الجُمْهور، ويُسْتثنى من إعْمال الثاني وإضمار الفَضْلةِ في الأوَّل صُورٌ ثلاث هي: إنْ أَوْقَعَ حَذْفُ المَنْصُوبِ في لَبْس، أو كان العاملُ من باب "كان" أو من "ظَنَّ" وجَبَ إضْمارُ المَعْمُولِ مؤخَّرًا، في المَسَائل الثلاث: فالأول نحو: "استعنتُ واستعانَ عَلَيَّ محمَّدٌ به" (فـ "استعنت" يطلب "محمّدًا" مجرورًا بالباء، والثاني يطلبه فاعلًا: لأنه استوفى معموله المجرور بعلى فأعملنا الثاني وأضمرنا ضمير محمّد مجرورًا بالباء مُؤَخرًا وقلنا "بِه" فمعنى المثال في غير التنازع "استعان عليَّ محمد واستعنت به"، ولو أضمرناه مقدّمًا قبل استعان، لقلنا "استعنت به واستعان عليّ محمّد" فيلزم عود الضمير على متأخر لفظًا ورتبة، وهذا لا يُتَساهل فيه بالتنازع إلاّ في الفاعل ولو حذفناه أَوقعَ في اللبس فلا يعلم هل "محمّد"مستعان به أو عليه) فلو حذف لفظ "به" لوقع اللبس. والثاني: نحو "كنتُ وكان عَليٌّ صَدِيقًا إِيَّاه" "فكنتُ" و "كانُ" تَنضازَعا صديقًا على الخبريَّة لهما، فأَعْمَلْنا الثاني فيه، وأَعْمَلْنا الأولَ في ضميره مُؤخرًا. والثالث: نحو "ظَنَّني وظَنَنْت خالدًا قائمًا إياه" "فَظَنَّني" يَطْلب "خالدًا قَائمًا". فاعلًا، ومفعولًا ثانيًا، و "ظننت" يَطْلبُ مفعولين، فأَعْملنا الثاني، ونصبنا "خالدًا قائمًا" وبقي الأوَّلُ يحتاجُ إلى فاعل، ومفعول ثان، فأضمرنا الفاعل مقدمًا مُسْتَتِرًا، وأضمرنا المفعول الثاني مُؤَخَّرًا، وقُلْنا "إيَّاه" ولم يُحذَف المنصوب في المَسأَلةِ الثانية والثَّالثة لأنه عمدةٌ في الأصل وأنَّه خبرُ مبتدأ. التّنْوين:
-1 تعريفُه: هو نُونٌ تلحَقُ الآخرَ لفظًا لا خَطًّا لغيرِ توكيد. -2 أنواعه: التنوينُ الذي يصلُحُ أنْيكونَ علامةً للاسم، وينطبقُ عليه هذا التعريف أربعة أنواع (وهناك ستة أنواع أخرى من التنوين لا علاقة لها بعلامة الأسماء ذكرت في مُطَولات كتب النحو وقد جمع عَشَرةَ الأنواع من التنوين بعضهم في بيتٍ واحدٍ فقال: مَكِّنْ وَعَوِّضْ وَقَابِل والمنكَّر زِدْ *** رَخِّم أو احْكِ اضطَّررْ غَالٍ وما هُمِزَا (انظر حاشية الخضري على ابن عقيل)): (1) تَنْوينُ التمكِين: وهو اللاَّحِقُ للأسْماءِ المُعْرَبةِ "كخَالِدٍ، ورَجُلٍ، وفَتىً، وقاضٍ". دَلالَةً على تَمكُّنها في بابِ الاسْمِيَّة، فهي لا تُشْبه الحَرْفَ فَتُبْنَى، ولا الفعل فتُمنَع من الصرف. (2) تَنْوين التنكير: وهو اللاَّحِقُ لبعضِ الأَسْماءِ المبنية المَخْتُومة بِوَيه، واسم الفعل، واسم الصوت (وهي في العلم المختوم بويه قياسي، وفي اسم الفعل واسم الصوت، سَمَاعي، فمما سُمع منونًا وغير منون "كسه ومه"جاز فيه الأَمْرَان، وما سُمِع مُنَونًا فقط كـ "واهًا" بمعنى أَتَعَجَّب فلا يجوزُ تركُه، وما سُمِع غير مُنَوَّنٍ كـ "نَزَال" فلا يجوزُ تنوينه)، دَلالةً على تَنكِيرها، تقول: "إيهٍ" بالتَّنْوين إذا استَزَدْت مُخَاطِبَك من حَديثٍ غيرِ مُعَيَّن، وإذا قلت "إيهِ" بغير تنوين إذا استَزَدْتَه مِنْ حديثٍ مُعَيَّن. (3) تَنْوين العوض: وهو على ثلاثَة أقسام: أ - عِوَضٌ عن جُملةٍ وهو الذي يلحق "إذْ" عِوَضًا عن جُمْلةٍ بعدَها كقوله تَعالى: {وأنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُون} (الآية "84" من سورة الواقعة "56"). فأتي بالتَّنوين عِوَضًا عن هذه الجُملةِ. ب- عِوضٌ عن اسمٍ وهو اللاَّحقُ لكلٍّ وبعضٍ، عِوَضًا عما تُضافان إليه نحو "كُلٌّ يَمُوتُ" أي كلُّ حيٍّ يموتُ. ج- عِوَضٌ عنْ حَرْف، وهو اللاَّحِقُ "لِجَوارٍ وَغَوَاشٍ" ونحوِهما رَفْعًا وجرًا فتُحذفُ الياء ويُؤتى بالتَّنوين عوضًا عنها. -4 تَنْوين المُقابلة: وهو اللاَّحقُ لما جُمِعَ بألفٍ وتاءٍ نحو "عَالِمَاتٍ" جَعَلُوه في مُقابَلَة النَّون في جمعِ المُذكَّر السالم. تِهْ: (=اسم الإشارة 3) التّوابعُ:
-1 تَعريف التَّابع: هو المُشَارِكُ لِمَا قَبلَه في إعرابِه الحاصل والمُتَجدِّد. -2 أنواعُ التَّوابع: التَّوابعُ خَمْسَةٌ: "نَعْتٌ، وتوكيدٌ، وعَطْفُ بَيَانٍ، وعَطْفُ نَسَق، وبَدَل". (=بحث كل منها في حرفه). -3 التّوابع وترتيبها إذا اجتمعت: إذا اجْتَمَعَتِ التَّوابعُ قُدِّم منها النَّعتُ، ثم البَيَان، ثم التَّوكيد، ثم البَدَل، ثم النَّسقَ نحو "أقبلَ الرجُلُ العالمُ محمَّدٌ نَفْسُه أخوكَ وإبراهيمُ". التّوكيد:
-1 تَعريفُه وقسماه: هو تَابعٌ يُذْكَرُ تَقْريرًا لمتْبُوعهِ لرفعِ احْتِمالِ التَّجَوُّزِ أو السَّهْو، وهو قِسْمان: تَوكيدٌ لَفْظِيٌّ وتَوْكِيد معنوي. -2 التَّوْكِيد اللَّفظي: يكونُ التَّوكيدُ اللَّفظيُّ بإعادة اللفظ (أو إعادة مرادفه كقولك: أنت بالخير حقيق قمِن)، الأوّل، فِعْلًا كانَ أو اسْمًا أو حَرْفًا أو جُمْلَةً، فإنْ كان فِعلًا كُرّر بدون شَرْط، نحو "حَضَرَ حَضَرَ القَاضِي". و "يظهرُ يظهرُ الحقُّ". وإنْ كانَ اسْمًا ظاهرًا أو ضميرًا منفصلًا مَنصوبًا كُرِّرَ بدونِ شَرْطٍ فمثالُ التوكيدِ في الاسمِ قوله عليه السَّلام: (أَيُّمَا امرأةٍ نَكَحَتْ نفسَها بغيرِ ولَيٍّ فنكاحُها باطِلٌ باطِلٌ) (هكذا روى النحاة هذا الحديث ومنهم الأشموني شارح الألفية وفيه مثال توكيد الاسم الظاهر، أما الحديث كما رواه الترمذي في سننه فهو كما يلي: (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل) وقال الترمذي: حديث حسن، وفيه مثال التوكيد اللفظي بإعادة الجملة وفي سنن أبي داود: (أيما امرأةٍ نكَحت بغير إذن وليِّها فنكاحها باطل) ثلاث مرات). ومثال الضمير قول الشاعر: فإيَّاكَ إيَّاكَ المِراءَ فإنَّهُ *** إلى الشَّرِّ دَعَّاءٌ وللشَّرِّ جَالِبُ وإنْ كانَ ضَميرًا مُنْفَصِلًا مَرْفُوعًا جازَ أن يُؤكَّدَ به كلُّ متَّصلٍ نحو "قُمْتَ أَنْتَ" و "أكرَمْتُكَ أنت" و "نظَرتُ إليكَ أنتَ". وإن كان ضميرًا متصلًا وُصِلَ بما وُصِلَ به المؤكَّدُ نحو "عجبتُ منكَ". وإن كان حَرْفًا، فإن كانَ جَوابيًا كُرِّرَ بدونِ شَرْطٍ، نحو "نَعَمْ نعمْ" ومنه قولُ جميل بُثَينة: لاَ لاَ أَبُوحُ بِحُبِّ بَثْنَةَ إنَّها *** أَخَذَتْ عليَّ مَواثِقًا وعُهُودًا وإن كان الحرفُ غيرَ جَوابي وجَبَ أَمْران: أن يُفصَلَ بَينَهُما، وأن يُعادَ مع التَّوكيد ما اتَّصلَ بالمُؤكَّد إن كان مُضْمرًا نحو: {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إذا مِتُّمْ وكُنْتُمْ ترابًا وعِظَامًا أنكم مُخْرَجُون} (الآية "35" من سورة المؤمنون "23"). فـ "أنكم" الثانية توكيدٌ للأولى، وقد أُعِيدَت مع اسْمها وهو الكاف والميم. وأن يُعَادَ هو أو ضميرهُ إن كان المؤكَّد ظاهرًا نحو "إنَّ محمَّدًا إنَّ محمَّدًا فاضلٌ" و "أنَّ عليًّا إنَّه أديبٌ" وعَوْد ضميرِهِ هو الأَولَى، وشَذَّ اتِّصالُ الحرفين في قوله: إنَّ إنَّ الكريم يَحْلُمُ ما لَمْ *** يَرَيَنْ مَنْ أَجارَه قَدْ ضِيمَا -3 التَّوكيدُ المعنوي: للتَّوكيدِ المعنويّ سبعةُ ألْفاظٍ: (الأَوَّل والثَّاني): "النَّفْسُ والعَيْن" ويُؤَكَّدُ بِهما لِرَفْعِ المجازِ عنِ الذَّاتِ تقولُ: "جاء الأميرُ" فيُحْتَمَلُ أنْ يكونَ الجائي متاعَهُ أو حَشَمَه، فإذا أكَّدْتَ "بالنَّفْس أو العَيْنِ" أو بِهِما مَعًا بشَرْطِ بقديمِ النَّفْسِ ارتَفَعَ ذلك الاحْتمالُ، ويَجبُ اتِّصالُهما بِضَمِيرٍ مطابقٍ للمؤكَّدِ في الإفراد والتَّذكيرِ وفُرُوعِهِما نحو: "جاء الأميرُ نَفْسُهُ". أو "جَاءَ الأمير عَيْنُه" أو "جَاءَ الأميرُ نَفْسُهُ عينُه" ويجوزُ جَرُّهُما بـ "باء" زائِدَةٍ: فتقول: "جاءَ زيدٌ بنَفْسِهِ". و "هنْدٌ بِعَيْنِها" ويَجِبُ جمعُ النَّفْسِ والعَيْن" على "أَفْعُل" إنْ أَكَّدا جَمْعًا تقولُ: "قامَ الزَّيْدُون أنْفُسُهم أو أعْيُنُهُم" و "جاءَ الهِنْدَاتُ أَنْفُسُهُنَّ أو أعيُنُهُنَّ". والأَوْلَى مع المثنى أن يُجمَعَ على "أفعُل" أيضًا تقول "حَضَر المُعَلِّمان أنْفُسُهُمَا" و "ذهبت المُعَلّمتَانِ أعْيُنُهُمَا". وتقول: "إيَّاكَ أنْتَ نَفْسُكَ أنْ تَفْعل" و "أيَّاكَ يَفْسَك أنْ تَفْعَل" الأولى بضم السين في يفسِك، والثانية بفتح السين فإنْ عيَّنتَ الفاعلَ المُضمَرَ في النية: قلت: "إياكَ أنتَ نَفْسُك" كأنك قلت: "إيَّكَ نَحِّ أنْتَ نَفْسَك" وَحَمَلْتَهُ على الاسم المضمر في نحِّ، فإن قلت: "إياكَ نَفسُك" تريد الاسمَ المضمرَ الفاعلَ فهو قَبِيح، وهو على قُبحِه رَفعٌ. (والخمسة الباقية) "كِلاَ" للمُثَنَّى المُذكَّر، و "كلْتَا" للمثنى المؤنَّث، و "كلّ وجَميع وعامَّة" للجَمْع مُطلقًا، وللمُفرِد بِشَرْطِ أن يكونَ له أجْزاءٌ، تقول: "جاء الزيدان كِلاهما". و "الهِنْدَان كِلْتاهُما" و "الرِّجَالُ كلُّهُمْ أو جَميعُهُم" و "الهِنْدَاتُ كُلُّهُنَّ أوجَمِيعُهُنَّ" و "الجَيْشُ كلُّهُ أو جميعُهُ" و "القَبيلةُ كلُّها أو جَمِيعُها" وكلُّ هذا يجوزُ فيه تقديرُ "البعضِ" إذا لم يُؤَكَّد فتقولُ: "جاء بعضُ الجَيْش" أو "القَبيلةِ" أو "الرِّجالِ أو الهِنْدَاتِ" ويُؤْتى بالتَّوكيد لرفْعِ هذا الاحْتمالِ. ولا يجوزُ: "جاءني زيدٌ كلُّهُ ولا جَمِيعُه" وكذا لا يجوزُ "اخْتَصَمَ الزيدان كِلاهما" لامتناع تقدير "بعض" ولا بُدَّ مِن اتِّصَالِ ضَميرِ المؤكَّدِ بهذه الأَلْفَاظِ ليَحْصُلَ الرَّبطُ بين المؤكَّدَ والمؤكِّدِ. ولا يَجوزُ حَذْفُ الضَّمير استغناءً بنية الإِضَافة، ولا حُجَّةَ في قولِه تعالى: {لو أَنْفَقْتَ ما في الأرْضِ جَمِيعًا} (الآية "63" من سورة الأنفال "8") على أنَّ المعنى: جميعَهُ، بل "جميعًا" حال، ولا في قِرَاءَة بَعْضِهم: {إِنَّا كُلًا فِيهَاْ} (الآية "48" من سورة غافر "40" والقراءة المشهورة: إنا كلٌّ فيها) لأَنَّ كُلًا بَدَل من اسم "إن" وقد يُسْتَغنى عن الإضَافَةِ إلى الضَّمِير بالإِضافةِ إلى مثلِ الظّاهِرِ المؤكَّدِ بـ "كل". ومن ذلك قولُ كُثَيِّر: كم قَدْ ذَكَرْتُكِ لو أُجْزَى بذكْرِكُمُ *** يا أشْبَهَ النَّاسِ كلِّ الناسِ بالقَمَرِ -4 تَتَابُع المُؤكِّداتِ: إذا أُريدَ تقوية التَّوكيدِ يجوز أنْ يتبع "كلَّه" بـ "أَجْمَعَ" و "كلَّها" بـ "جَمْعَاء" و "كلَّهُم" بـ "أَجْمَعِين" و "كلَّهُنَّ" بـ "جُمَع" قال تعالى: {فَسَجَدَ الملائِكَة كُلُّهُمْ أَجْمَعُون} (الآية "30" من سورة الحجر "15"). وقد يُؤَكَّد بهنَّ وإذا أَرَدْتَ أن تؤكد أكْثَر قلت: جاء القومُ أجْمَعُونَ أكْتَعُونَ أبْصَعُونَ أبْتَعُونَ، وبهذا الترتيب (=في حروفها) وقد يؤكد بأجمعين وإن لم يَتَقَدَّمْ "كُلّ" نحو: {ولأُغْوِيَنَّهمْ أَجْمَعِين} (الآية "39" من سورة الحجر "15") و{وإنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدهُمْ أَجْمَعين} (الآية "43" من سورة الحجر "15"). ولا يَجوز تَثْنِيَة "أَجْمَعَ وجَمْعَاء" استِغْنَاءً بـ "كِلا وكِلْتَا" = (كِلا وكلتا". -5 تَوْكيد النكرة: لا يَجُوز باتِّفاقٍ تَوْكِيدُ النَّكِرَة إذا لم تُفِدْ، وإنْ أفادَ جَازَ، وإنَّما تَحْصُل الفَائِدَة بأن يكونَ المُؤكَّد مَحْدُودًا، والتَّوكيدُ مِنْ أَلْفَاظِ الإِحَاطَةِ والشُّمولِ كقوله: لَكِنَّه شَاقَه أنْ قِيلَ ذا رَجَبٌ *** يا لَيْتَ عِدَّة حَولٍ كلِّه رَجَب (الشاهد فيه توكيد "حول" بـ "كله" وهو نكرة، وهذا مذهب الكوفيين وهو من الشواذ عند البصريين وصحة السماع تدل على أنه غير شاذ كما قال العيني) ولا يجوزُ صُمْتُ زَمَنًا كُلَّه، ولا شَهْرًا نَفْسَه. -6 تَوْكيد الضَّمير: إذا أُريدَ تَوْكِيد ضَمِيرٍ مَرْفُوعٍ بـ "النَّفْسِ" أو "العَيْنِ" وجَبَ توكيده أوّلًا بالضميرِ المنفصل نحوَ: "قُومُوا أَنْتُمْ أنْفُسُكُمْ". أمَّا الظَّاهِرُ فَيَمْتَنِعَ فيه الضَّمير نحو: "سَافَرَ المحمَّدون أَنْفُسُهُمْ". وكذا الضَّمير المنصوب والمجرور نحو: "كَلَّمْتُهُمْ أَنْفُسَهُمْ" و "نظرت إلَيْهِمْ أعينِهِمْ". وإن كانَ التَّوكيدُ بغَيرِ النَّفْسِ والعَيْنِ فالضَّميرُ جائزٌ لا وَاجِبٌ نحو "قَاموا كلُّهُمْ". -7 ملاحظات في التَّوْكِيد: (1) الضَّمير المَنْصُوبُ لا يُؤَكَّدُ بالضَّمير المُنْفَصِل المَنْصُوب. (2) إذا جَعَلْتَ الضَّميرَ تَأْكِيدًا فهو باقٍ على اسْمِيتهِ فتحْكمُ على مَوْضِعِه بإعرابِ ما قَبلَه، وليس كذلك إذا كانَ متَّصِلًا. (3) إذا أَكَّدْتَ، أو فَصَلْتَ (يريد ضمير الفصل في نحو "كان زيد هو العَالِمَ" فهو ضمير فصل لا محل له من الإعراب)، فلا يكون إلاّ بضميرِ المرفوع. (4) تأكيدُ ضَمير المَجْرور بضَمير المَرْفُوع على خِلافِ القِياس. (5) تأكيدُ ضَميرِ الفاعِل بضَمير المَرْفُوع جارٍ القياس. (6) إذا تَكرَّرَتْ أَلْفَاظُ التَّوكيد فهو للمُؤَكَّدِ وليس الثاني تأكيدًا للتَّأكيد. (7) لا يجوزُ في أَلْفاظِ التَّوكيدِ القطع إلى الرَّفع (مَعْنى القطع: قَطعُ الكلمة في الإعراب عن التبعية لما قبلها وهذا جائِزٌ في جميع التوابع للرفع والنصب ولا يجوز في التوكيد، مثال القطع في الصفة للرفع "رأيت خالدًا الماهرُ" الأصل: الماهرَ، بالفتح تبعًا لخالد ويجوز الرفع على أنها خبرٌ لمبتدأ محذوف، ويجوز "جاء خالدٌ الماهرَ" بالفتح الأصلُ الماهرُ بالضم ويجوز الفتح على أنها مَفعولٌ به لفعلٍ مَحذُوف التقدير: أريدُ أو أَعْني، هذا معنى القطع، وقج ذكر في التوابع: وهي النعت والبدل والعطف) ولا إلى النَّصب. (8) لا يجوزُ عَطْفُ بعضها على بعض، فلا يقال: نَهضَ محمَّدٌ نفسُه وعينُه. (9) أَلْفَاظُ التوكيدِ مَعَارِفُ وإمَّا بالإِضَافَةِ الظَّاهرَة، أو المُقَدَّرة، كما في أَجْمَع وَتَوابِعه. (10) لا يُحذَفُ المُؤَكَّدُ ويقام المؤكِّدُ مَقامَهُ. (11) "كُلّ" إذا كانَتْ بمعنى كامل نحو: "زرْتُ الصَّدِيقَ كُلَّ الصَّديق" تُعْرَبُ نعتًا لا تَوْكِيدًا وَلا يَجُوزُ قَطْعُها إلى الرفْع أو النَّصبِ (أي مع أنها صفة لا يجوز قطعها لأنها كالتوكيد). ويجبُ أن تُضَافَ إلى مثلِ المَتْبوعِ لا إلى ضَمِيرهِ. (12) يجبُ مُلاحظةُ المعنى من خبر "كلّ" مُضافًا إلى نكرةٍ، فيجبُ مطابقته للنّكرة المضافِ إليها "كل" نحو: {كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ المَوْتِ} و{كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُون}. وَلا يَلْزمُ ذلك في المُضَافةِ إلى مَعْرِفةٍ فتقول: "كُلُّهمْ ذاهِبٌ" أو "ذاهِبون". (13) ألفاظ في التوكيد: قد يُؤَكَّد بأَلْفاظٍ غيرِ مَا مَرَّ وهي: "أكْتَع وأَبْصَع وأبْتَع" تقول "جاءَ القَوْمُ أجْمَعُون أكْتَعُون أبْصَعُون أبْتَعُون" زيادةً في التوكيد. (=في أحرفها). تِي: اسمُ إشارة للمُفْردة المؤنَّثة، وقد تُسبَقُ بحَرْف التَّنبيه "ها". فيقال: هاتي، وهي إشارةٌ للقَرِيب. وقد تَلْحَقُها "كافُ الخطاب" فيقال: "تِيكَ" وقد يَلْحَقُها لامُ البعد، وكاف الخطابِ، فيقال: "تِلكَ" وهي إشَارةٌ للبَعيد كـ "تِيك". (=اسم الإشارة). تَيّا: تَصْغير "تا" للإشارة. (=التَّصغير 13). تَيْن: (=اسم الإشارة 2).
|